من كلامه التصريح بذلك لو كان، ثم احتمل أيضا أن يكون هذا القول مستحدثا بعد دعوى الاجماع فلا يقدح. وفيه ما فيه. إلا أن فيه أن الخطب هين بعد الإحاطة بما أسلفنا من ضعف أدلة المنع من رفع الحدث، وحينئذ فلا تكون في شك من ضعف هذا القول في هذا المكان من أي قائل كان.
(الرابعة) المنقول في كتب الأصحاب (رضوان الله عليهم) جعل محل الخلاف هو غسالة الحدث الأكبر، حتى أن المحقق الشيخ حسن في المعالم بعد أن نقل عن المنتهى الاقتصار في جواز إزالة النجاسة بالمستعمل على ما استعمل في غسل الجنابة كما قدمنا من عبارته حمل ذكر غسل الجنابة على التمثيل دون الحصر. وأنت خبير بأن كلام الصدوق في الفقيه صريح في التخصيص بغسالة الجنابة، وكذا الأخبار المنقولة دليلا للقول المذكور كما أسلفناها، ومثله أيضا ما نقله في المختلف عن الشيخ (رحمه الله) من الدليل، حيث قال: احتج الشيخ (رحمه الله) بأن الانسان مكلف بالطهارة بالمتيقن طهارته المقطوع على استباحة الصلاة باستعماله، والمستعمل في غسل الجنابة ليس كذلك، لأنه مشكوك فيه، فلا يخرج عن العهدة باستعماله، ولا معنى لعدم الاجزاء إلا ذلك. وبما رواه عبد الله بن سنان ثم ساق الرواية كما قدمنا (1).
ولم يحضرني من كتب أولئك القائلين زيادة على ما ذكرت لا حقق منه الحال، وينبغي التنبيه لمثل ذلك. وعلى تقدير كون محل البحث على ما نقله الأصحاب من العموم فلا يخفى أن الدليل حينئذ أخص من المدعى لما عرفت. نعم ربما يتمسك بقوله (عليه السلام) في رواية عبد الله بن سنان (2) التي هي أحد أدلة ذلك القول: " وأشباهه " بعطفه على " الماء الذي يغتسل به من الجنابة ". إلا أن فيه احتمال عطفه على فاعل " يجوز " أعني قوله: " أن يتوضأ به " بمعنى أنه لا يجوز الوضوء به ولا أشباه الوضوء من سائر الاستعمالات في رفع حدث أو خبث.