في الطهارة والشرب لا يستلزم الاهراق، كيف؟ ووجوه الانتفاعات به كثيرة بل ربما تلجئ إليه الضرورة سيما في الأسفار ونحوها، بل ذلك داخل في الاسراف المنهي عنه كما صرحت به بعض الرويات.
و (ثالثا) أن موثقة سماعة (1) المروية أيضا بطريق آخر موثق عن عمار الساباطي قد دلت على الأمر بالتيمم بعد الأمر بالاهراق. وكيف يسوغ التيمم مع طهارة ذلك الماء وطهوريته؟
ولو قيل: إنه يجوز أن يكون الأمر بالاهراق كناية عن عدم الاستعمال لا أن المراد الاهراق بالفعل.
قلنا: مع تسليمه فذلك كاف لنا في الاستدلال، لأن ما يكنى عن المنع عن استعماله بإهراقه بمعنى أن وجوده كعدمه على حال فهو لا شك مقطوع بنجاسته كما أشار إليه في المعتبر، حيث قال: " وقد يكنى عن النجاسة بالإراقة تفخيما للمنع " و (رابعا) أن الحمل على الاستحباب والتنزيه وإن تم له بالنسبة إلى الوضوء.
لما دلت عليه بعض الأخبار من خارج بأن ماء الوضوء ينبغي أن يكون له مزية ما على مياه سائر الاستعمالات، فلا ينبغي أن يكون بالآجن ولا بالمشمس ولا بما لاقى سؤر المتهم بالنجاسة. فلا يتم له ذلك في الشرب.
(أما أولا) فلعدم قيام دليل من الخارج على أن ماء الشرب ينبغي أن يكون ذا مزية، وأنه يكره الشرب من بعض المياه لخلوها من المزية حسبما ورد في الوضوء، ولم يدع أحد ذلك بالكلية، حيت يتم له هنا حمل المنع عن الشرب على التنزيه والاستحباب.
و (أما ثانيا) فبان من جملة المواضع التي صرحت الأخبار بكراهة الوضوء