المفسرون وأيضا لم يلزم من عدم وجود المال الحاضر للجواد أن لا يدخل في يده شئ من المال في الاستقبال فيحمل الوعد المذكور على تلك الحال ومهما أمكن الجمع لتصحيح الدراية تعين عدم التخطئة في الرواية انتهى وقال الحافظ واستدل بعض المالكية بقوله يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغنى عنك من الله أن النيابة لا تدخل في أعمال البر إذ لو جاز ذلك لكان يتحمل عنها صلى الله عليه وسلم بما يخلصها فإذا كان عمله لا يقع نيابة عن ابنته فغيره أولى بالمنع وتعقب بأن هذا كان قبل أن يعلمه الله تعالى بأنه يشفع فيمن أراد وتقبل شفاعته حتى يدخل قوما الجنة بغير حساب ويرفع درجات قوم آخرين ويخرج من النار من دخلها بذنوبه أو كان المقام مقام التخويف والتحذير أو أنه أراد المبالغة في الحض على العمل ويكون في قوله لا أغنى شيئا إضمار إلا إن أذن الله لي بالشفاعة انتهى قوله (وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس وأبي موسى) أما حديث أبي هريرة فأخرجه الترمذي في التفسير وأما حديث ابن عباس فأخرجه الشيخان وأما حديث أبي موسى فأخرجه الترمذي في التفسير اعلم أن هذه القصة إن كانت واقعة في صدر الإسلام بمكة فلم يدركها ابن عباس لأنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين ولا أبو هريرة لأنه إنما أسلم بالمدينة وفي نداء فاطمة يومئذ أيضا ما يقتضي تأخر القصة لأنها كانت حينئذ صغيرة أو مراهقة والذي يظهر أن ذلك وقع مرتين مرة في صدر الإسلام ورواية ابن عباس وأبي هريرة لها من مرسل الصحابة ويؤيد ذلك ما وقع في حديث ابن عباس من أن أبا لهب كان حاضرا لذلك وهو مات في أيام بدر ومرة بعد ذلك حيث يمكن أن تدعى فيها فاطمة عليها السلام أو يحضر ذلك أبو هريرة أو ابن عباس كذا قال الحافظ في باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية وقال في باب قوله (وأنذر عشيرتك الأقربين) من كتاب التفسير تحت حديث ابن عباس ما لفظه وقع عند الطبراني من حديث أبي أمامة قال لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم ونساءه وأهله فقال يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار واسعوا في فكاك رقابكم يا عائشة بنت أبي بكر يا حفصة بنت عمر يا أم سلمة فذكر حديثا طويلا فهذا إن ثبت دل على تعدد القصة لأن القصة الأولى وقعت بمكة بتصريحه في حديث الباب يعني حديث ابن عباس أنه صعد الصفا ولم تكن عائشة وحفصة وأم سلمة عنده ومن أزواجه إلا بالمدينة فيجوز أن تكون متأخرة الأولى فيمكن أن
(٤٩٣)