ثوبي زور أي كمن كذب كاذبين أو أظهر شيئين كاذبين قاله صلى الله عليه وسلم لمن قالت يا رسول الله إن لي ضرة فهل علي جناح أن أتشبع بما لم يعطني زوجي أي أظهر الشبع فأحد الكذبين قولها أعطاني زوجي والثاني إظهارها أن زوجي يحبني أشد من ضرتي قال الخطابي كان رجل في العرب يلبس ثوبين من ثياب المعاريف ليظنه الناس أنه رجل معروف محترم لأن المعاريف لا يكذبون فإذا رآه الناس على هذه الهيئة يعتمدون على قوله وشهادته على الزور لأجل تشبيهه نفسه بالصادقين وكان ثوباه سبب زوره فسميا ثوبي زور أو لأنهما ليسا لأجله وثني باعتبار الرداء والإزار فشبه هذه المرأة بذلك الرجل وقال الزمخشري في الفائق شبه المتشبع بلابس ثوبي زور أي ذي زور وهو الذي يتزيا بزي أهل الصلاح رياء وأضاف الثوبين إليه لأنهما كالملبوسين وأراد بالتثنية أن المتحلي بما ليس فيه كمن ليس ثوبي الزور ارتدى بأحدهما واتزر بالاخر كما قيل قال القاري في المرقاة إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا فالإشارة بالإزار والرداء إلى أنه متصف بالزور من رأسه إلى قدمه ويحتمل أن تكون التثنية إشارة إلى أنه حصل بالتشبع حالتان مذمومتان فقدان ما تتشبع به وإظهار الباطل كذا في الفتح وقال أبو عبيدة هو المرائي يلبس ثياب الزهاد ويرى أنه زاهد وقال غيره هو أن يلبس قميصا يصل بكميه كمين آخرين يرى أنه لابس قميصين فكأنه يسخر من نفسه ومعناه إنه بمنزلة الكاذب القائل ما لم يكن وقيل إنما شبه بالثوبين لأن المتحلي كذب كذبين فوصف نفسه بصفة ليست فيه ووصف غيره بأنه خصه بصلة فجمع بهذا القول بين كذبين قال القاري وبهذا تظهر المناسبة بين الفصلين في الحديث مع موافقته لسبب وروده فكأنه قال ومن لم يعط وأظهر أنه قد أعطى كان مزورا مرتين انتهى قوله (وفي الباب عن أسماء بنت أبي بكر وعائشة) أما حديث أسماء فأخرجه البخاري في باب المتشبع بما لم ينل وما ينهى من افتخار الضرة من كتاب النكاح ومسلم في كتاب اللباس وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم في كتاب اللباس قوله (هذا حديث حسن غريب) وأخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن حبان في حيحه قال المناوي في التيسير إسناده صحيح
(١٥٥)