تتعرضوا له (فإن الإمام إن يخطئ) أي خطؤه (في العفو) مبتدأ خبره (خير من أن يخطئ في العقوبة) والجملة خبر إن ويؤيده ما في رواية لأن يخطئ بفتح اللام وهي لام الابتداء قال المظهر يعني ادفعوا الحدود ما استطعتم قبل أن تصل إلي فإن الإمام إذا سلك سبيل الخطأ في العفو الذي صدر منه خير من أن يسلك سبيل الخطأ في الحدود فإن الحدود إذا وصلت إليه وجب عليه الإنفاذ قال الطيبي نزل معنى هذا الحديث على معنى حديث تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب وجعل الخطاب في الحديث لعامة المسلمين ويمكن أن ينزل على حديث أبي هريرة في قصة رجل وبريدة في قصة ماعز فيكون الخطاب للأئمة لقوله صلى الله عليه وسلم للرجل أبك جنون ثم قوله أحصنت ولماعز أبه جنون ثم قوله أشرب لأن كل هذا تنبيه على أن للإمام أن يدرأ الحدود بالشبهات انتهى قال القاري بعد نقل كلام الطيبي هذا ما لفظه هذا التأويل متعين والتأويل الأول لا يلائمه قوله فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن عامة المسلمين مأمورون بالستر مطلقا ولا يناسبه أيضا لفظ خير كما لا يخفى فالصواب أن الخطاب للأئمة وأنه ينبغي لهم أن يدفعوا الحدود بكل عذر مما يمكن أن يدفع بكما وقع منه عليه الصلاة والسلام لماعز وغيره من تلقين الأعذار انتهى كلام القاري قال الطيبي فيكون قوله فإن الإمام مظهرا أقيم مقام المضمر على سبيل الالتفات من الخطاب إلى الغيبة حثا على إظهار الرأفة انتهى قوله (وفي الباب عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو) أما حديث أبي هريرة فأخرجه ابن ماجة بإسناد ضعيف ولفظه ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا وأما حديث عبد الله بن عمرو وهو بالواو فأخرجه أبو داود والنسائي مرفوعا ولفظه تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب قال الشوكاني وفي الباب عن علي مرفوعا ادرأوا الحدود بالشبهات وفيه المختار بن نافع قال البخاري وهو منكر الحديث قال وأصح ما فيه حديث سفيان الثوري عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال ادرأوا الحدود بالشبهات ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم وروى عن عقبة بن عامر ومعاذ أيضا موقوفا وروى منقطعا وموقوفا على عمر ورواه ابن حزم في كتاب الاتصال عن عمر موقوفا عليه قال الحافظ وإسناده صحيح ورواه ابن أبي شيبة من طريق إبراهيم النخعي عن عمر بلفظ لأن أخطئ في الحدود بالشبهات أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات في مسند أبي حنيفة للحارثي من طريق مقسم عن ابن عباس مرفوعا بلفظ ادرأوا
(٥٧٣)