معمر يخص بالتبليغ والإرش قوما دون قوم وإنما وقع التفاوت من قبل الفهم استعداد الاستنباط فمن رزق فهما وإدراكا ووفق للتأمل في آياته والتدبر في معانيه فتح عليه أبواب العلوم واستثنى ما في الصحيفة احتياط الاحتمال أن يكون فيها ما لا يكون عند غيره فيكون منفردا بالعلم (قال قلت وما في الصحيفة) وفي رواية وما في هذه الصحيفة (قال فيها العقل) أي الدية وأحكامها يعني فيها ذكر ما يجب لدية النفس والأعضاء من الإبل وذكر أسنان تؤدي فيها وعددها (وفكاك الأسير) بفتح الفاء ويجوز كسرها أي فيها حكم تخليصه والترغيب فيه وأنه من أنواع البر الذي ينبغي أن يهتم به (وأن لا يقتل مؤمن بكافر) قال القاضي هذا عام يدل على أن المؤمن لا يقتل بكافر قصاصا سواء الحربي والذمي وهو قول عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وبه قال عطاء وعكرمة والحسن وعمر بن عبد العزيز وإليه ذهب الثوري وابن شبرمة والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وقيل يقتل بالذمي والحديث مخصوص بغيره وهو قول النخعي والشعبي وإليه ذهب أصحاب أبي حنيفة لما روى عبد الرحمن بن البيلماني أن رجلا من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنه أحق من أوفي بذمته ثم أمر به فقتل وأجيب عنه بأنه منقطع لا احتجاج به ثم إنه أخطأ إذ قيل أن القاتل كان عمرو بن أمية الضمري وقد عاش بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنتين ومتروك بالإجماع لأنه روى أن الكافر كان رسولا فيكون مستأمنا والمستأمن لا يقتل به المسلم وفاقا وإن صح فهو منسوخ لأنه روي عنه أنه كان قبل الفتح وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في خطبة خطبها على درج البيت ولا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده كذا في المرقاة قوله (وفي الباب عن عبد الله بن عمرو) أخرجه أحمد وابن ماجة والترمذي عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن لا يقتل مسلم بكافر وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده رواه أحمد وأبو داود كذا في المنتقى والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري وفي الباب أحاديث أخرى مذكورة في التلخيص والنيل قوله (حديث علي حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري والنسائي وأبو داود قوله (والقول الأول أصح) يدل عليه حديث الباب وهو صحيح صريح في أنه لا يقتل مسلم بكافر ولفظ الكافر صادق على الذمي كما هو صادق على الحربي وكذا يدل على القول الأول أحاديث أخرى وروى عبد الرزاق
(٥٥٧)