أولى من إلغاء أحدهما باتفاق وإذا كان ذلك المراد من الحديث بقيت الدلالة على جواز استقراض الحيوان والسلم فيه واعتل من منع بأن الحيوان يختلف اختلافا متباينا حتى لا يوقف على حقيقة المثلية فيه وأجيب بأنه لا مانع من الإحاطة به بالوصف بما يدفع التغاير وقد جوز الحنفية التزويج والكتابة على الرقيق الموصوف بالذمة كذا في الفتح تنبيه قال صاحب العرف الشذي قال أبو حنيفة لا يجوز القرض إلا في المكيل أو الموزون قال ولنا حديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة وإن قيل هذا الحديث في البيع لا القرض يقال إن مناطهما واحد انتهى قلت قد رد هذا الجواب بأن الحنطة لا يباع بعضها ببعض نسيئة وقرضها جائز فكذلك الحيوان لا يجوز بيع بعضه ببعض نسيئة وقرضه جائز وقد عرفت أن هذا الحديث محمول على ما إذا كانت النسيئة من الجانبين جمعا بين الأحاديث قال ومحمل حديث الباب عندي أنه اشترى البعير بثمن مؤجل ثم أعطى إبلا بدل ذا الثمن بغير الراوي بهذا انتهى كلامه قلت تأويله هذا مردود عليه يرده لفظ استقرض في حديث أبي هريرة المذكور في الباب قوله (أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي طلب منه قضاء الدين وفي رواية للبخاري كان لرجل على النبي صلى الله عليه وسلم سن من الإبل فجاءه يتقاضاه ولأحمد عن عبد الرزاق عن سفيان جاء أعرابي يتقاضى النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا (فأغلظ له) أي فعنف له صلى الله عليه وسلم قال النووي الاغلاظ محمول على التشديد في المطالبة من غير أن يكون هناك قدح فيه ويحتمل أن يكون القائل كافرا من اليهود أو غيرهم انتهى قال الحافظ والأول أظهر لرواية أحمد أنه كان أعرابيا وكأنه جرى على عادته من جفاء المخاطبة (فهم به أصحابه) أي أراد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذوه بالقول أو الفعل لكن لم يفعلوا أدبا مع النبي صلى الله عليه وسلم (دعوه) أي اتركوه ولا تزجروه (فإن لصاحب الحق مقالا) أي صولة الطلب وقوة الحجة لكن مع مراعاة الأدب المشروع قال ابن الملك المراد بالحق هنا الدين أي من كان له على غريمه حق فماطله فله أن يشكوه ويرافعه إي الحاكم ويعاتب عليه وهو المراد بالمقال كذا في شرح المشارق (اشتروا له بعيرا) قال الحافظ وفي رواية عبد الرزاق التمسوا له مثل سن بعيره (فلم يجدوا إلا سنا أفضل من سنه) لأن بعيره كان صغيرا والموجود كان رباعيا خيارا كما في
(٤٥٥)