بعد تعذر الجمع وعن حديث ابن عمر بأنه عام وحديث الباب خاص فيبنى العام على الخاص والنسخ لا يثبت إلا بدليل يقضي بتأخر الناسخ على وجه يتعذر معه الجمع لا بمجرد الاحتمال مع الإمكان انتهى كلام الشوكاني فالحاصل أن حديث الباب صحيح محكم ليس بمنسوخ ولا يرده أصل من أصول الشريعة ولا أثر من الآثار الثابتة وهو دليل صريح في جواز الركوب على الدابة المرهونة بنفقتها وشرب لبن الدر المرهونة بنفقتها وهو قول أحمد وإسحاق كما ذكره الترمذي وأما قياس الأرض المرهونة على الدابة المرهونة والدر المرهونة فقياس مع الفارق هذا ما عندي والله تعالى أعلم قوله (هذا حديث حسن صحيح) أخرجه الجماعة إلا مسلما والنسائي قوله (والعمل على هذا عند بعض أهل العلم وهو قول أحمد وإسحاق) قالا ينتفع المرتهن من الرهن بالركوب والحلب بقدر النفقة ولا ينتفع بغيرهما لمفهوم الحديث قال الطيبي وقال أحمد وإسحاق للمرتهن أن ينتفع من المرهون بحلب وركوب دون غيرهما ويقدر بقدر النفقة واحتجا بهذا الحديث ووجه التمسك به أن يقال دل الحديث بمنطوقه على إباحة الانتفاع في مقابلة الإنفاق وانتفاع الراهن ليس كذلك لأن إباحته مستفادة له من تملك الرقبة لا من الانفاق وبمفهومه على أن جواز الانتفاع مقصور على هذين النوعين من المنفعة وجواز انتفاع غير مقصور عليهما فإذا المراد أن للمرتهن أن ينتفع بالركوب والحلب من المرهون بالنفقة وإنه إذا فعل ذلك لزمه النفقة انتهى قلت قول أحمد وإسحاق هو الظاهر الموافق لحديث الباب وقد قال به طائفة أيضا كما عرفت في كلام الحافظ وقد قال بجواز انتفاع الركوب وشرب اللبن بقدر العلف إبراهيم النخعي أيضا قال الإمام البخاري في صحيحه وقال المغيرة عن إبراهيم تركب الضالة بقدر علفها والرهن مثله انتهى قال الحافظ في الفتح قوله والرهن مثله في الحكم المذكور وقد وصله سعيد بن منصور بالإسناد المذكور ولفظه الدابة إذا كانت مرهونة تركب بقدر علفها وإذا كان لها لبن يشرب منه بقدر علفها ورواه حماد بن سلمة في جامعه عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم ولفظه إذا ارتهن شاة شرب المرتهن من لبنها بقدر ثمن علفها فإن استفضل من اللبن بعد ثمن العلف فهو ربا انتهى (وقال بعض أهل العلم ليس س له) أي للمرتهن (أن ينتفع من الرهن) أي من الشئ المرهون (بشئ) أي بشئ من الانتفاع وهو قول
(٣٨٧)