أيضا سألت محمد بن إسماعيل فقلت أي شئ أصح في الطلاق قبل النكاح فقال حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وقال الخطابي وأسعد الناس بهذا الحديث من قال بظاهره وأجراه على عمومه إذ لا حجة مع من فرق بين حال وحال والحديث حسن إنتهى كلام المنذري قوله (وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم) قال الحافظ في الفتح هذه المسألة من الخلافيات المشهورة وللعلماء فيها مذاهب الوقوع مطلقا وعدم الوقوع مطلقا والتفصيل بين ما إذا عين أو خصص ومنهم من توقف فقال بعدم الوقوع الجمهور وهو قول الشافعي وابن مهدي وأحمد وإسحاق وداود وأتباعهم وجمهور أصحاب الحديث وقال بالوقوع مطلقا أبو حنيفة وأصحابه وقال بالتفصيل ربيعة والثوري والليث والأوزاعي وابن أبي ليلى وابن مسعود وأتباعه ومالك في المشهور عنه وعنه عدم الوقوع مطلقا ولو عين وعن ابن القاسم مثله وعنه أنه توقف وكذا عن الثوري وأبي عبيد وقال جمهور المالكية بالتفصيل فإن سمى امرأة أو طائفة أو قبيلة أو مكانا أو زمانا يمكن أن يعيش إليه لزمه الطلاق والعتق إنتهى كلام الحافظ قلت واحتج من قال بعدم الوقوع مطلقا بأحاديث الباب قال البيهقي بعد أن أخرج كثيرا من الأخبار ثم من الآثار الواردة في عدم الوقوع هذه الآثار تدل على أن معظم الصحابة والتابعين فهموا من الأخبار أن الطلاق أو العتاق الذي علق قبل النكاح والملك لا يعمل بعد وقوعهما وأن تأويل المخالف في حمله عدم الوقوع على ما إذا وقع قبل الملك والوقوع فيما إذا وقع بعده ليس بشئ لأن كل أحد يعلم بعدم الوقوع قبل وجود عقد النكاح أو الملك فلا يبقى في الأخبار فائدة بخلاف ما إذا حملناه على ظاهره فإن فيه فائدة وهو الإعلام بعدم الوقوع ولو بعد وجود العقد فهذا يرجح ما ذهبنا إليه من حمل الأخبار على ظاهرها إنتهى كلام البيهقي لو أجاب الحنفية عن أحاديث الباب بأنها محمولة على التنجيز وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن الزهري أنه قال في رجل قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق وكل أمة أشتريها فهي حرة هو كما قال فقال له معمر أوليس جاء لا طلاق قبل نكاح ولا عتق إلا بعد ملك قال إنما ذلك أن يقول الرجل امرأة فلان طالق وعبد فلان حر وفيه ما قال الحافظ من أن ما تأوله الزهري ترده الآثار الصحيحة عن سعيد بن المسيب وغيره من مشائخ الزهري في أنهم أرادوا عدم وقوع الطلاق عمن قال إن تزوجت فهي طالق سواء عمم أو خصص أنه لا يقع انتهى وفيه أيضا ما قال البيهقي من أن معظم الصحابة والتابعين فهموا من الأخبار أن الطلاق أو العتاق الذي علق قبل النكاح والملك لا
(٢٩٩)