وقال أكثر أهل العلم يحرم لها الخروج في كل سفر طويلا كان أو قصيرا ولا يتوقف حرمة الخروج بغير المحرم على مسافة القصر طلاق حديث ابن عباس بلفظ لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم قال الحافظ في فتح الباري تحت هذا الحديث كذا أطلق السفر وقيده في حديث أبي سعيد الآتي في الباب فقال مسيرة يومين ومضى في الصلاة حديث أبي هريرة مقيدا بمسيرة يوم وليلة وعنه روايات أخرى وحديث ابن عمر فيه مقيدا بثلاثة أيام وعنه روايات أخرى أيضا وقد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقييدات انتهى وحجة الحنفية أن المنع المقيد بالثلاث متيقن وما عداه مشكوك فيه فيؤخذ بالمتيقن ونوقض بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر فينبغي الأخذ بها وطرح ما عداها فإنه مشكوك فيه ومن قواعد الحنفية تقديم الخبر العام على الخاص وترك حمل المطلق على المقيد وخالفوا ذلك هنا والاختلاف إنما وقع في الأحاديث التي وقع فيها التقييد بخلاف حديث ابن عباس فإنه لم يختلف عليه فيه قال في الهداية يباح لها الخروج إلى ما دون مدة السفر بغير محرم قال ابن الهمام رحمه الله يشكل عليه ما في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم منها وأخرجا عن أبي هريرة لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم وفي لفظ لمسلم مسيرة ليلة وفي لفظ يوم وفي لفظ أبي داود بريدا يعني فرسخين واثني عشر ميلا على ما في القاموس وهو عند ابن حبان في صحيحه وقال صحيح على شرط مسلم وللطبراني في معجمه ثلاثة أميال فقيل له إن الناس يقولون ثلاثة أيام فقال وهموا قال المنذري ليس في هذه تباين فإنه يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قالها في مواطن مختلفة بحسب الأسئلة ويحتمل أن يكون ذلك كله تمثيلا لأقل الأعداد واليوم الواحد أول العدد وأقله والاثنان أول الكثير وأقله والثلاثة أول الجمع فكأنه أشار إلى أن هذا في قلة الزمن لا يحل لها السفر مع غير محرم فكيف إذا زاد انتهى وحاصله أنه نبه بمنع الخروج أقل كل عدد على منع خروجها عن البلد مطلقا إلا بمحرم أو زوج وقد صرح بالمنع مطلقا أن حمل السفر على اللغوي ما في الصحيحين عن ابن عباس مرفوعا لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم والسفر لغة يطلق على دون ذلك انتهى كلام المحقق كذا في المرقاة قوله (وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة) وهو قول أبي حنيفة وهو القول الراجح عندي والله تعالى أعلم قال أحمد لا يجب الحج على
(٢٧٩)