أن الخلع طلاق وهو قول الجمهور فإذا وقع بلفظ الخلع وما تصرف منه نقص العدد وكذا ان وقع بغير لفظه مقرونا بنيته وقد نص الشافعي في الاملاء على أنه من صرائح الطلاق وحجة الجمهور أنه لفظ لا يملكه الا الزوج فكان طلاقا ولو كان فسخا لما جاز على غير الصداق كالإقالة لكن الجمهور على جوازه بما قل وكثر فدل على أنه طلاق والثاني وهو قول الشافعي في القديم وذكره في أحكام القرآن من الجديد أنه فسخ وليس بطلاق وصح ذلك عن ابن عباس أخرجه عبد الرزاق وعن ابن الزبير وروى عن عثمان وعلى وعكرمة وطاوس وهو مشهور مذهب أحمد وسأذكر في الكلام على شرح حديث الباب ما يقويه وقد استشكله إسماعيل القاضي بالاتفاق على أن من جعل أمر المرأة بيدها ونوى الطلاق فطلقت نفسها طلقت وتعقب بأن محل الخلاف ما إذا لم يقع لفظ طلاق ولا نية وانما وقع لفظ الخلع صريحا أو ما قام مقامه من الألفاظ مع النية فإنه لا يكون فسخا تقع به الفرقة ولا يقع به طلاق واختلف الشافعية فيما إذا نوى بالخلع الطلاق وفرعنا على أنه فسخ هل يقع الطلاق أو لا ورجح الامام عدم الوقوع واحتج بأنه صريح في بابه وجد نفاذا في محله فلا ينصرف بالنية إلى غيره وصرح أبو حامد والأكثر بوقوع الطلاق ونقله الخوارزمي عن نص القديم قال هو فسخ لا ينقص عدد الطلاق الا أن ينويا به الطلاق ويخدش فيما اختاره الامام أن الطحاوي نقل الاجماع على أنه إذا نوى بالخلع الطلاق وقع الطلاق وأن محل الخلاف فيما إذا لم يصرح بالطلاق ولم ينوه والثالث إذا لم ينو الطلاق لا يقع به فرقة أصلا ونص عليه في الام وقواه السبكي من المتأخرين وذكر محمد بن نصر المروزي في كتاب اختلاف العلماء أنه آخر قولي الشافعي (قوله وقوله عز وجل ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله) زاد غير أبي ذر إلى قوله الظالمون وعند النسفي بعد قوله يخافا الآية وبذكر ذلك يتبين تمام المراد وهو بقوله فلا جناح عليهما فيما افتدت به وتمسك بالشرط من قوله فان خفتم من منع الخلع الا إذا حصل الشقاق من الزوجين معا وسأذكر في الكلام على أثر طاوس بيان ذلك (قوله وأجاز عمر الخلع دون السلطان) أي بغير اذنه وصله ابن أبي شيبة من طريق خيثمة بن عبد الرحمن قال أتى بشر ابن مروان في خلع كان بين رجل وامرأة فلم يجزه فقال له عبد الله بن شهاب الخولاني قد أتى عمر في خلع فأجازه وأشار المصنف إلى خلاف في ذلك أخرجه سعيد بن منصور حدثنا هشيم أنبأنا يونس عن الحسن البصري قال لا يجوز الخلع دون السلطان وقال حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين كانوا يقولون فذكر مثله وأختاره أبو عبيد واستدل بقوله تعالى فان خفتم أن لا يقيما حدود الله وبقوله تعالى وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها قال فجعل الخوف لغير الزوجين ولم يقل فان خافا وقوى ذلك بقراءة حمزة في آية الباب الا أن يخافا بضم أوله على البناء للمجهول قال والمراد الولاة ورده النحاس بأنه قول لا يساعده الاعراب ولا اللفظ ولا المعنى والطحاوي بأنه شاذ مخالف لما عليه الجم الغفير ومن حيث النظر ان الطلاق جائز دون الحاكم فكذلك الخلع ثم الذي ذهب إليه مبنى على أن وجود الشقاق شرط في الخلع والجمهور على خلافه وأجابوا عن الآية بأنها جرت على حكم الغالب وقد أنكر قتادة هذا على الحسن فأخرج سعيد بن أبي عروبة في كتاب النكاح عن قتادة عن الحسن فذكره قال قتادة ما أخذ الحسن هذا الا عن زياد يعنى حيث كان أمير العراق لمعاوية (قلت) وزياد ليس أهلا أن يقتدى به
(٣٤٧)