اثبات الخيار لمن عتقت سواء كانت تحت حر أم عبد وتمسكوا بحديث الأسود بن يزيد عن عائشة ان زوج بريرة كان حرا وقد اختلف فيه على راويه هل هو من قول الأسود أو رواه عن عائشة أو هو قول غيره كما سأبينه قال إبراهيم بن أبي طالب أحد حفاظ الحديث وهو من أقران مسلم فيما أخرجه البيهقي عنه خالف الأسود الناس في زوج بريرة وقال الإمام أحمد انما يصح أنه كان حرا عن الأسود وحده وما جاء عن غيره فليس بذاك وصح عن ابن عباس وغيره أنه كان عبدا ورواه علماء المدينة وإذا روى علماء المدينة شيئا وعملوا به فهو أصح شئ وإذا عتقت الأمة تحت الحر فعقدها المتفق على صحته لا يفسخ بأمر مختلف فيه اه وسيأتى مزيد لهذا بعد بابين وحاول بعض الحنفية ترجيح رواية من قال كان حرا على رواية من قال كان عبدا فقال الرق تعقبه الحرية بلا عكس وهو كما قال لكن محل طريق الجمع إذا تساوت الروايات في القوة أما مع التفرد في مقابلة الاجتماع فتكون الرواية المنفردة شاذة والشاذ مردود ولهذا لم يعتبر الجمهور طريق الجمع بين الروايتين مع قولهم إنه لا يصار إلى الترجيح مع امكان الجمع والذي يتحصل من كلام محققيهم وقد أكثر منه الشافعي ومن تبعه أن محل الجمع إذا لم يظهر الغلط في إحدى الروايتين ومنهم من شرط التساوي في القوة قال ابن بطال أجمع العلماء أن الأمة إذا عتقت تحت عبد فان لها الخيار والمعنى فيه ظاهر لان العبد غير مكافئ للحرة في أكثر الاحكام فإذا عتقت ثبت لها الخيار من البقاء في عصمته أو المفارقة لأنها في وقت العقد عليها لم تكن من أهل الاختيار واحتج من قال إن لها الخيار ولو كانت تحت حر بأنها عند التزويج لم يكن لها رأى لاتفاقهم على أن لمولاها أن يزوجها بغير رضاها فإذا عتقت تجدد لها حال لم يكن قبل ذلك وعارضهم الآخرون بأن ذلك لو كان مؤثرا لثبت الخيار للبكر إذا زوجها أبوها ثم بلغت رشيدة وليس كذلك فكذلك الأمة تحت الحر فإنه لم يحدث لها بالعتق حال ترتفع به عن الحر فكانت كالكتابية تسلم تحت المسلم واختلف في التي تختار الفراق هل يكون ذلك طلاقا أو فسخا فقال مالك والأوزاعي والليث تكون طلقة بائنة وثبت مثله عن الحسن وابن سيرين أخرجه ابن أبي شيبة وقال الباقون يكون فسخا لا طلاقا (قوله عن ابن عباس قال رأيته عبدا يعنى زوج بريرة) هكذا أورده مختصرا من هذا الوجه وهو لفظ شعبة وكذا أخرجه الإسماعيلي من طريق مربع عن أبي الوليد شيخ البخاري فيه عن شعبة وحده وزاد الإسماعيلي من طريق عبد الصمد عن شعبة رأيته يبكى وفى رواية له لقد رأيته يتبعها وأما لفظ همام فأخرجه أبو داود من طريق عفان عنه بلفظ ان زوج بريرة كان عبدا أسود يسمى مغيثا فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم وأمرها أن تعتد وساقه أحمد عن عفان عن همام مطولا وفيه أنها تعتد عدة الحرة ثم أورد البخاري الحديث من وجهين عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال في أحدهما ذاك مغيث عبد بنى فلان يعنى زوج بريرة وفى الأخرى كان زوج بريرة عبدا أسود يقال له مغيث وهكذا جاء من غير وجه أن اسمه مغيث وضبط في البخاري بضم أوله وكسر المعجمة ثم تحتانية ساكنة ثم مثلثة ووقع عند العسكري بفتح المهملة وتشديد التحتانية وآخره موحدة والأول أثبت وبه جزم ابن ماكولا وغيره ووقع عند المستغفري في الصحابة من طريق محمد بن عجلان عن يحيى بن عروة عن عروة عن عائشة في قصة بريرة أن اسم زوج بريرة مقسم وما أظنه الا تصحيفا (قوله عبدا لبنى فلان) عند
(٣٥٨)