مستوفى في كتاب الحدود والمراد منه ما أشار إليه في الترجمة من قوله هل بك جنون فان مقتضاه أنه لو كان مجنونا لم يعمل باقراره ومعنى الاستفهام هل كان بك جنون أو هل تجن تارة وتفيق تارة وذلك أنه كان حين المخاطبة مفيقا ويحتمل أن يكون وجه له الخطاب والمراد استفهام من حضر ممن يعرف حاله وسيأتى بسط ذلك إن شاء الله تعالى * الحديث الثالث حديث أبي هريرة في القصة المذكورة أوردها من طريق شعيب عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب جميعا عن أبي هريرة وسيأتى شرحها أيضا في الحدود وقوله في هذه الرواية ان الآخر قد زنى بفتح الهمزة وكسر الخاء المعجمة أي المتأخر عن السعادة وقيل معناه الأرذل (قوله وقال قتادة إذا طلق في نفسه فليس بشئ) وصله عبد الرزاق عن معمر عن قتادة والحسن قالا من طلق سرا في نفسه فليس طلاقه ذلك بشئ وهذا قول الجمهور وخالفهم ابن سيرين وابن شهاب فقالا تطلق وهى رواية عن مالك * (تنبيه) * وقع هذا الأثر عن قتادة في رواية النسفي عقب حديث قتادة المرفوع المذكور هنا بعد فلما ساقه من طريق قتادة عن زرارة عن أبي هريرة فذكر الحديث المرفوع قال بعده قال قتادة فذكره ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث * الحديث الأول (قوله وعن الزهري قال فأخبرني من سمع جابر ابن عبد الله) هو معطوف على قوله شعيب عن الزهري الخ وقد تقدم من رواية يونس عن الزهري عن أبي سلمة فيحتمل أن يكون أبهمه لما حدث به شعيبا ويحتمل أن يكون هذا القدر عنده عن غير أبى سلمة فأدرج في رواية يونس عنه وقوله في هذه الزيادة أذلقته بذال معجمة وقاف أي أصابته بحدها وقوله جمز بفتح الجيم والميم وبزاي أي أسرع هاربا * (قوله باب الخلع) بضم المعجمة وسكون اللام وهو في اللغة فراق الزوجة على مال مأخوذ من خلع الثوب لأن المرأة لباس الرجل معنى وضم مصدره تفرقة بين الحسى والمعنوي وذكر أبو بكر بن دريد في أماليه أنه أول خلع كان في الدنيا أن عامر بن الظرب بفتح المعجمة وكسر الراء ثم موحدة زوج ابنته من ابن أخيه عامر بن الحرث بن الظرب فلما دخلت عليه نفرت منه فشكا إلى أبيها فقال لا أجمع عليك فراق أهلك ومالك وقد خلعتها منك بما أعطيتها قال فزعم العلماء أن هذا كان أول خلع في العرب اه وأما أول خلع في الاسلام فسيأتي ذكره بعد قليل ويسمى أيضا فدية وافتداء وأجمع العلماء على مشروعيته الا بكر بن عبد الله المزنى التابعي المشهور فإنه قال لا يحل للرجل أن يأخذ من امرأته في مقابل فراقها شيئا لقوله تعالى فلا تأخذوا منه شيئا فأوردوا عليه فلا جناح عليهما فيما افتدت به فادعى نسخها بآية النساء أخرجه ابن أبي شيبة وغيره عنه وتعقب مع شذوذه بقوله تعالى في النساء أيضا فان طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه وبقوله فيها فلا جناح عليهما أن يصالحا الآية وبالحديث وكأنه لم يثبت عنده أو لم يبلغه وانعقد الاجماع بعده على اعتباره وأن آية النساء مخصوصة بآية البقرة وبآيتي النساء الآخرتين وضابطه شرعا فراق الرجل زوجته ببذل قابل للعوض يحصل لجهة الزوج وهو مكروه الا في حال مخافة أن لا يقيما أو واحد منهما ما أمر به وقد ينشأ ذلك عن كراهة العشرة اما لسوء خلق أو خلق وكذا ترفع الكراهة إذا احتاجا إليه خشية حنث يؤل إلى البينونة الكبرى (قوله وكيف الطلاق فيه) أي هل يقع الطلاق بمجرده أو لا يقع حتى يذكر الطلاق اما باللفظ واما بالنية وللعلماء فيما إذا وقع الخلع مجردا عن الطلاق لفظا ونية ثلاثة آراء وهى أقوال للشافعي * أحدها ما نص عليه في أكثر كتبه الجديدة
(٣٤٦)