فإنه أخرج حديث عائشة لا طلاق ولا اعتاق في اغلاق قال أبو داود والغلاق أظنه الغضب وترجم على الحديث الطلاق على غيظ ووقع عنده بغير ألف في أوله وحكى البيهقي أنه روى على الوجهين ووقع عند ابن ماجة في هذا الحديث الاغلاق بالألف وترجم عليه طلاق المكره فإن كانت الرواية بغير ألف هي الراجحة فهو غير الاغلاق قال المطرزي قولهم إياك والغلق أي الضجر والغضب ورد الفارسي في مجمع الغرائب على من قال الاغلاق الغضب وغلطه في ذلك وقال إن طلاق الناس غالبا انما هو في حال الغضب وقال ابن المرابط الاغلاق حرج النفس وليس كل من وقع له فارق عقله ولو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول فيما جناه كنت غضبانا اه وأراد بذلك الرد على من ذهب إلى أن الطلاق في الغضب لا يقع وهو مروى عن بعض متأخري الحنابلة ولم يوجد عن أحد من متقدميهم الا ما أشار إليه أبو داود وأما قوله في المطالع الاغلاق الاكراه وهو من أغلقت الباب وقيل الغضب واليه ذهب أهل العراق فليس بمعروف عن الحنفية وعرف بعلة الاختلاف المطلق اطلاق أهل العراق على الحنفية وإذا أطلقه الفقيه الشافعي فمراده مقابل المراوزة منهم ثم قال وقيل معناه النهى عن ايقاع الطلاق البدعي مطلقا والمراد النفي عن فعله لا النفي لحكمه كأنه يقول بل يطلق للسنة كما أمره الله وقول البخاري والكره هو في النسخ بضم الكاف وسكون الراء وفى عطفه على الاغلاق نظر الا إن كان يذهب إلى أن الاغلاق الغضب ويحتمل أن يكون قبل الكاف ميم لأنه عطف عليه السكران فيكون التقدير باب حكم الطلاق في الاغلاق وحكم المكره والسكران والمجنون الخ وقد اختلف السلف في طلاق المكره فروى ابن أبي شيبة وغيره عن إبراهيم النخعي أنه يقع قال لأنه شئ افتدى به نفسه وبه قال أهل الرأي وعن إبراهيم النخعي تفصيل آخر ان روى المكرة لم يقع والا وقع وقال الشعبي ان أكرهه اللصوص وقع وان أكرهه السلطان فلا أخرجه ابن أبي شيبة ووجه بأن اللصوص من شأنهم أن يقتلوا من يخالفهم غالبا بخلاف السلطان وذهب الجمهور إلى عدم اعتبار ما يقع فيه واحتج عطاء بآية النحل الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان قال عطاء الشرك أعظم من الطلاق أخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح وقرره الشافعي بأن الله لما وضع الكفر عمن تلفظ به حال الاكراه وأسقط عنه أحكام الكفر فكذلك يسقط عن المكره ما دون الكفر لان الأعظم إذا سقط سقط ما هو دونه بطريق الأولى والى هذه النكتة أشار البخاري بعطف الشرك على الطلاق في الترجمة وأما قوله والسكران فسيأتي ذكر حكمه في الكلام على أثر عثمان في هذا الباب وقد يأتي السكران في كلامه وفعله بما لا يأتي به وهو صاح لقوله تعالى حتى تعلموا ما تقولون فان فيها دلالة على أن من علم ما يقول لا يكون سكرانا وأما المجنون فسيأتي في أثر على مع عمر وقوله وأمرهما فمعناه على حكمهما واحد أو يختلف وقوله والغلط والنسيان في الطلاق والشرك وغيره أي إذا وقع من المكلف ما يقتضى الشرك غلطا أو نسيانا هل يحكم عليه به وإذا كان لا يحكم عليه به فليكن الطلاق كذلك وقوله وغيره أي وغير الشرك مما هو دونه وذكر شيخنا ابن الملقن أنه في بعض النسخ والشك بدل الشرك قال وهو الصواب وتبعه الزركشي لكن قال وهو أليق وكأن مناسبة لفظ الشرك خفيت عليهما ولم أره في شئ من النسخ التي وقفت عليها بلفظ الشك فان ثبتت فتكون معطوفة على النسيان لا على
(٣٤١)