الخبر نزل مرتين (قوله فكشفت عن وجهك الثوب) في رواية أبى أسامة فاكشفها فعبر بلفظ المضارع استحضارا لصورة الحال قال ابن المنير يحتمل أن يكون رأى منها ما يجوز للخاطب أن يراه ويكون الضمير في اكشفها للسرقة أي أكشفها عن الوجه وكأنه حمله على ذلك أن رؤيا الأنبياء وحى وان عصمتهم في المنام كاليقظة وسيأتي في اللباس في الكلام على تحريم التصوير ما يتعلق بشئ من هذا وقال أيضا في الاحتجاج بهذا الحديث للترجمة نظر لان عائشة كانت إذ ذاك في سن الطفولية فلا عورة فيها البتة ولكن يستأنس به في الجملة في أن النظر إلى المرأة قبل العقد فيه مصلحة ترجع إلى العقد (قوله فإذا أنت هي) في رواية الكشميهني فإذا هي أنت وكذا تقدم من رواية أبى أسامة (قوله يمضه) بضم أوله قال عياض يحتمل أن يكون ذلك قبل البعثة فلا اشكال فيه وإن كان بعدها ففيه ثلاث احتمالات أحدها التردد هل هي زوجته في الدنيا والآخرة أو في الآخرة فقط ثانيها انه لفظ شك لا يراد به ظاهره وهو أبلغ في التحقق ويسمى في البلاغة مزج الشك باليقين * ثالثها وجه التردد هل هي رؤيا وحى على ظاهرها وحقيقتها أو هي رؤيا وحى لها تعبير وكلا الامرين جائز في حق الأنبياء (قلت) الأخير هو المعتمد وبه جزم السهيلي عن ابن العربي ثم قال وتفسيره باحتمال غيرها لا ارضاه والأول يرده أن السياق يقتضى أنها كانت قد وجدت فان ظاهر قوله فإذا هي أنت مشعر بأنه كان قد رآها وعرفها قبل ذلك والواقع أنها ولدت بعد البعثة ويرد أول الاحتمالات الثلاث رواية ابن حبان في آخر حديث الباب هي زوجتك في الدنيا والآخرة والثاني بعيد والله أعلم * الحديث الثاني حديث سهل في قصة الواهبة والشاهد منه للترجمة قوله فيه فصعد النظر إليها وصوبه وسيأتى شرحه في باب التزويج على القرآن وبغير صداق (قوله ثم طأطأ رأسه) وذكر الحديث كله كذا في رواية أبي ذر عن السرخسي وساق الباقون الحديث بطوله قال الجمهور لا بأس أن ينظر الخاطب إلى المخطوبة قالوا ولا ينظر إلى غير وجهها وكفيها وقال الأوزاعي يجتهد وينظر إلى ما يريد منها الا العورة وقال ابن حزم ينظر إلى ما أقبل منها وما أدبر منها وعن أحمد ثلاث روايات * الأولى كالجمهور * والثانية ينظر إلى ما يظهر غالبا * والثالثة ينظر إليها متجردة وقال الجمهور أيضا يجوز أن ينظر أيها إذا أراد ذلك بغير اذنها وعن مالك رواية يشترط اذنها ونقل الطحاوي عن قوم أنه لا يجوز النظر إلى المخطوبة قبل العقد بحال لأنها حينئذ أجنبية ورد عليهم بالأحاديث المذكورة * (قوله باب من قال لا نكاح الا بولي) استنبط المصنف هذا الحكم من الآيات والأحاديث التي ساقها لكون الحديث الوارد بلفظ الترجمة على غير شرطه والمشهور فيه حديث أبي موسى مرفوعا بلفظه أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة وصححه ابن حبان والحاكم لكن قال الترمذي بعد ان ذكر الاختلاف فيه وأن من جملة من وصله إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه ومن جملة من أرسله شعبة وسفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة ليس فيه أبو موسى رواية ومن رواه موصولا أصح لانهم سمعوه في أوقات مختلفة وشعبة وسفيان وان كانا أحفظ وأثبت من جميع من رواه عن أبي إسحاق لكنهما سمعاه في وقت واحد ثم ساق من طريق أبى داود الطيالسي عن شعبة قال سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق أسمعت أبا بردة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نكاح الا بولي قال نعم قال وإسرائيل ثبت في أبى اسحق ثم ساق من
(١٥٧)