وسبب رده يحتمل أن يكون من جهتها وهى انها لم ترغب في التزوج عن قرب من وفاة زوجها ويحتمل غير ذلك من الأسباب التي لا غضاضة فيها على عثمان في رد عمر له ثم لما ارتفع السبب بادر عمر فعرضها على عثمان رعاية لخاطره كما في حديث الباب ولعل عثمان بلغه ما بلغ أبا بكر من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها فصنع كما صنع من ترك افشاء ذلك ورد على عمر بجميل ووقع في رواية ابن سعد فقال عثمان مالي في النساء من حاجة وذكر ابن سعد عن الواقدي بسند له أن عمر عرض حفصة على عثمان حين توفيت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان يومئذ يريد أم كلثوم بنت النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) وهذا مما يؤيد أن موت خنيس كان بعد بدر فان رقية ماتت ليالي بدر وتخلف عثمان عن بدر لتمريضها وقد أخرج اسحق في مسنده وابن سعد من مرسل سعيد بن المسيب قال تأيمت حفصة من زوجها وتأيم عثمان من رقية فمر عمر بعثمان وهو حزين فقال هل لك في حفصة فقد انقضت عدتها من فلان واستشكل أيضا بأنه لو كان مات بعد أحد للزم أن لا تنقضى عدتها الا في سنة أربع وأجيب باحتمال أن تكون وضعت عقب وفاته ولو سقطا فحلت (قوله سأنظر في أمرى) أي أتفكر ويستعمل النظر أيضا بمعنى الرأفة لكن تعديته باللام وبمعنى الرؤية وهو الأصل ويعدى بالى وقد يأبى بغير صلة وهو بمعنى الانتظار (قوله قال عمر فلقيت أبا بكر) هذا يشعر بأنه عقب رد عثمان له بعرضها على أبى بكر (قوله فصمت أبو بكر) أي سكت وزنا ومعنى وقوله بعد ذلك فلم يرجع إلى شيئا تأكيد لرفع المجاز لاحتمال أن يظن أنه صمت زمانا ثم تكلم وهو بفتح الياء من يرجع (قوله وكنت أوجد عليه) أي أشد موجدة أي غضبا على أبى بكر من غضبى على عثمان وذلك لامرين أحدهما ما كان بينهما من أكيد المودة ولان النبي صلى الله عليه وسلم كان آخى بينهما وأما عثمان فلعله كان تقدم من عمر رده فلم يعتب عليه حيث لم يجبه لما سبق منه في حقه والثاني لكون عثمان أجابه أولا ثم اعتذر له ثانيا ولكون أبى بكر لم يعد عليه جوابا ووقع في رواية ابن سعد فغضب على أبى بكر وقال فيها كنت أشد غضبا حين سكت منى على عثمان (قوله لقد وجدت على) في رواية الكشميهني لعلك وجدت وهى أوجه (قوله فلم أرجع) بكسر الجيم أي أعد عليك الجواب (قوله الا انى كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها) في رواية ابن سعد فقال أبو بكر ان النبي صلى الله عليه وسلم قد كان ذكر منها شيئا وكان سرا (قوله فلم أكن لأفشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية ابن سعد وكرهت ان أفشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلتها) في رواية معمر المذكورة نكحتها وفيه أنه لولا هذا العذر لقبلها فيستفاد منه عذره في كونه لم يقل كما قال عثمان قد بدا لي أن لا أتزوج وفيه فضل كتمان السر فإذا أظهره صاحبه ارتفع الحرج عمن سمعه وفيه عتاب الرجل لأخيه وعتبه عليه واعتذاره إليه وقد جبلت الطباع البشرية على ذلك ويحتمل أن يكون سبب كتمان أبى بكر ذلك أنه خشى أن يبدو لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يتزوجها فيقع في قلب عمر انكسار ولعل اطلاع أبى بكر على أن النبي صلى الله عليه وسلم قصد خطبة حفصة كان باخباره له صلى الله عليه وسلم اما على سبيل الاستشارة واما لأنه كان لا يكتم عنه شيئا مما يريده حتى ولا ما في العادة عليه غضاضة وهو كون ابنته عائشة عنده ولم يمنعه ذلك من
(١٥٣)