يخطئ الناظر فيظن تساويهما وقيل المراد ان معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض اعصارهم فلم يشاهدها الا من حضرها ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة وخرقة للعادة في أسلوبه وبلاغته واخباره بالمغيبات فلا يمر عصر من الاعصار الا ويظهر فيه شئ مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه وهذا أقوى المحتملات وتكميله في الذي بعده وقيل المعنى أن المعجزات الماضية كانت حسية تشاهد بالابصار كناقة صالح وعصا موسى ومعجزة القرآن تشاهد بالبصيرة فيكون من يتبعه لأجلها أكثر لان الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده والذي يشاهد بعين العقل باق يشاهده كل من جاء بعد الأول مستمرا (قلت) ويمكن نظم هذا الأقوال كلها في كلام واحد فان محصلها لا ينافي بعضه بعضا (قوله فارجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة) رتب هذا الكلام على ما تقدم من معجزة القرآن المستمرة لكثرة فائدته وعمون نفعه لاشتماله على الدعوة والحجة والاخبار بما سيكون فعم نفعه من حضر ومن غاب ومن وجد ومن سيوجد فحسن ترتيب الرجوى المذكورة على ذلك وهذه الرجوى قد تحققت فإنه أكثر الأنبياء تبعا وسيأتى بيان ذلك واضحا في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى وتعلق هذا الحديث بالترجمة من جهة أن القرآن انما نزل بالوحي الذي يأتي به الملك لا بالمنام ولا بالالهام وقد جمع بعضهم اعجاز القرآن في أربعة أشياء * أحدها حسن تأليفه والتئام كلمه مع الايجاز والبلاغة * ثانيها صورة سياقه وأسلوبه المخالف لأساليب كلام أهل البصلاغة من العرب نظما ونثرا حتى حارت فيه عقولهم ولم يهتدوا إلى الاتيان بشئ مثله مع توفر دواعيهم على تحصيل ذلك وتقريعه لهم على العجز عنه * ثالثها ما اشتمل عليه من الاخبار عما مضى من أحوال الأمم السالفة والشرائع الدائة مما كان لا يعلم منه بعضه الا النادر من أهل الكتاب * رابعها الاخبار بما سيأتي من الكوائن التي وقع بعضها في العصر النبوي وبعضها بعده ومن غير هذه الأربعة آيات وردت بتعجيز قوم في قضايا أنهم لا يفعلونها فعجزوا عنها مع توفر دواعيهم على تكذيبه كتمنى اليهود الموت ومنها الروعة التي تحصل لسامعه ومنها أن قارئه لا يمل من ترداده وسامعه لا يمجه ولا يزداد بكثرة التكرار الا طراوة ولذاذة ومنها أنه آية باقية لا تعدم ما بقيت الدنيا ومنها جمعه لعلوم ومعارف لا تنقضى عجائبها ولا تنتهى فوائدها اه ملخصا من كلام عياض وغيره * الحديث الخامس (قوله حدثنا عمرو بن محمد) هو الناقد وبذلك جزم أبو نعيم في المستخرج وكذا أخرجه مسلم عن عمرو بن محمد الناقد وغيره عن يعقوب بن إبراهيم ووقع في الأطراف لخلف حدثنا عمرو بن علي الفلاس ورأيت في نسخة معتمدة من رواية النسفي عن البخاري حدثنا عمرو بن خالد وأظنه تصحيفا والأول هو المعتمد فان الثلاثة وان كانوا معروفين من شيوخ البخاري لكن الناقد أخص من غيره بالرواية عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ورواية صالح بن كيسان عن ابن شهاب من رواية الاقران بل صالح بن كيسان أكبر سنا من ابن شهاب وأقدم سماعا وإبراهيم بن سعد قد سمع من ابن شهاب كما سيأتي تصريحه بتحديثه له في الحديث الآتي بعد باب واحد (قوله إن الله تابع على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته) كذا للأكثر وفى رواية أبي ذر ان الله تابع على رسوله الوحي قبل وفاته أي أكثر انزاله قرب وفاته صلى الله عليه وسلم والسر في ذلك أن الوفود بعد فتح مكة كثروا وكثر سؤالهم عن الاحكام فكثر النزول بسبب ذلك ووقع لي سبب تحديث أنس بذلك من رواية الدراوردي عن الإمامي عن
(٦)