والعشرين إلى الأرض أول اقرأ باسم ربك ويستفاد من حديث الباب أن القرآن نزل كله بمكة والمدينة خاصة وهو كذلك لكن نزل كثير منه في غير الحرمين حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر حج أو عمرة أو غزاة ولكن الاصطلاح أن كل ما نزل قبل الهجرة فهو مكي وما نزل بعد الهجرة فهو مدني سواء نزل في البلد حال الإقامة أو في غيرها حال السفر وسيأتى مزيد لذلك في باب تأليف القرآن * الحديث الثالث (قوله حدثنا معتمر) هو ابن سليمان التميمي (قوله قال أنبئت أن جبريل) فاعل قال هو أبو عثمان النهدي (قوله أنبئت) بضم أوله على البناء للمجهول وقد عينه في آخر الحديث ووقع عند مسلم في أوله زيادة حذفها البخاري عمدا لكنها موقوفة ولعدم تعلقها بالباب وهى عن أبي عثمان عن سلمان قال لا تكونن ان استطعت أول من يدخل السوق الحديث موقوف وقد أورده البرقاني في مستخرجه من طريق عاصم عن أبي عثمان عن سلمان مرفوعا (قوله فقال لام سلمة من هذا) فاعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم استفهم أم سلمة عن الذي كان يحدثه هل فطنت لكونه ملكا أو لا (قوله أو كما قال) يريد أن الراوي شك في اللفظ مع بقاء المعنى في ذهنه وهذه الكلمة كثر استعمال المحدثين لها في مثل ذلك قال الداودي هذا السؤال انما وقع بعد ذهاب جبريل وظاهر سياق الحديث يخالفه كذا قال ولم يظهر لي ما ادعاه من الظهور بل هو محتمل للامرين (قوله قالت هذا دحية) أي ابن خليفة الكلبي الصحابي المشهور وقد تقدم ذكره في حديث أبي سفيان الطويل في قصة هرقل أول الكتاب وكان موصوفا بالجمال وكان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم غالبا على صورته (قوله فلما قام) أي النبي صلى الله عليه وسلم أي قام ذاهبا إلى المسجد وهذا يدل على أنه لم ينكر عليها ظنته من أنه دحية اكتفاء بما سيقع منه في الخطبة مما يوضح لها المقصود (قوله ما حسبته الا إياه) هذا كلام أم سلمة وعند مسلم فقالت أم سلمة أيمن الله ما حسبته الا إياه وأيمن من حروف القسم وفيها لغات قد تقدم بيانها (قوله حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر بخبر جبريل أو كما قال) في رواية مسلم يخبرنا خبرنا وهو تصحيف نبه عليه عياض قال النووي وهو الموجود في نسخ بلادنا (قلت) ولم أر هذا الحديث في شئ من المسانيد الا من هذا الطريق فهو من غرائب الصحيح ولم أقف في شئ من الروايات على بيان هذا الخبر في أي قصة ويحتمل أن يكون في قصة بني قريظة فقد وقع في دلائل البيهقي وفى الغيلانيات من رواية عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها رأت النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم يكلم رجلا وهو راكب فلما دخل قلت من هذا الذي كنت تكلمه قال بمن تشبهينه قلت بدحية بن خليفة قال ذاك جبريل أمرني أن أمضى إلى بني قريظة (قوله قال أبى) بفتح الهمزة وكسر الموحدة الخفيفة والقائل هو معتمر بن سليمان وقوله فقلت لأبي عثمان أي النهدي الذي حدثه بالحديث وقوله ممن سمعت هذا قال من أسامة بن زيد فيه الاستفسار عن اسم من أبهم من الرواة ولو كان الذي أبهم ثقة معتمدا وفائدته احتمال أن لا يكون عند السامع كذلك ففي بيانه رفع لهذا الا الاحتمال قال عياض وغيره وفى هذا الحديث ان للملك أن يتصور على صورة الآدمي وأن له هو في ذاته صورة لا يستطيع الآدمي أن يراه فيها لضعف القوى البشرية الا من يشاء الله أن يقويه على ذلك ولهذا كان غالب ما يأتي جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة الرجل كما تقدم في بدء
(٤)