قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل اللحم بالتراب ثم قال إن النهبة ليست بأحل من الميتة اه وهذا يدل على أنه عاملهم من أجل استعجالهم بنقيض قصدهم كما عومل القاتل بمنع الميراث واما الثاني فقال النووي المأمور به من إراقة القدور انما هو اتلاف المرق عقوبة لهم وأما اللحم فلم يتلفوه بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغنم ولا يظن أنه أمر باتلافه مع أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال وهذا من مال الغانمين وأيضا فالجناية بطبخه لم تقع من جميع مستحقي الغنيمة فان منهم من لم يطبخ ومنهم المستحقون للخمس فان قيل لم ينقل أنهم حملوا اللحم إلى المغنم قلنا ولم ينقل أنهم أحرقوه أو أتلفوه فيجب تأويله على وفق القواعد اه ويرد عليه حديث أبي داود فإنه جيد الاسناد وترك تسمية الصحابي لا يضر ورجال الاسناد على شرط مسلم ولا يقال لا يلزم من تتريب اللحم اتلافه لامكان تداركه بالغسل لان السياق يشعر بأنه أريد المبالغة في الزجر عن ذلك الفعل فلو كان بصدد أن ينتفع به بعد ذلك لم يكن فيه كبير زجر لان الذي يخص الواحد منهم نزر يسير فكان افسادها عليهم مع تعلق قلوبهم بها وحاجتهم إليها وشهوتهم لها أبلغ في الزجر وأبعد المهلب فقال انما عاقبهم لانهم استعجلوا وتركوه في آخر القوم متعرضا لمن يقصده من عدو ونحوه وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم كان مختارا لذلك كما تقدم تقريره ولا معنى للحمل على الظن مع ورود النص بالسبب وقال الإسماعيلي أمره صلى الله عليه وسلم باكفاء القدور يجوز أن يكون من أجل أن ذبح من لا يملك الشئ كله لا يكون مذكيا ويجوز أن يكون من أجل أنهم تعجلوا إلى الاختصاص بالشئ دون بقية من يستحقه من قبل أن يقسم ويخرج منه الخمس فعاقبهم بالمنع من تناول ما سبقوا إليه زجرا لهم عن معاودة مثله ثم رجح الثاني وزيف الأول بأنه لو كان كذلك لم يحل أكل البعير الناد الذي رماه أحدهم بسهم إذ لم يأذن لهم الكل في رميه مع أن رميه ذكاة له كما نص عليه في نفس حديث الباب اه ملخصا وقد جنح البخاري إلى المعنى الأول وترجم عليه كما سيأتي في أواخر أبواب الأضاحي ويمكن الجواب عما ألزمه به الإسماعيلي من قصة البعير بان يكون الرامي رمى بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم والجماعة فأقروه فدل سكوتهم على رضاهم بخلاف ما ذبحه أولئك قبل أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه فافترقا والله أعلم (قوله ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير) في رواية وهذا محمول على أن هذا كان قيمة الغنم إذ ذاك فلعل الإبل كانت قليلة أو نفيسة والغنم كانت كثيرة أو هزيلة بحيث كانت قيمة البعير عشر شياه ولا يخالف ذلك القاعدة في الأضاحي من أن البعير يجزئ عن سبع شياه لان ذلك هو الغالب في قيمة الشاة والبعير المعتدلين وأما هذه القسمة فكانت واقعة عين فيحتمل أن يكون التعديل لما ذكر من نفاسة الإبل دون الغنم وحديث جابر عند مسلم صريح في الحكم حيث قال فيه أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة والبدنة تطلق على الناقة والبقرة وأما حديث ابن عباس كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فحضر الأضحى فاشتركنا في البقرة تسعة وفى البدنة عشرة فحسنه الترمذي وصححه ابن حبان وعضده بحديث رافع بن خديج هذا والذي يتحرر في هذا أن الأصل أن البعير بسبعة ما لم يعرض عارض من نفاسة ونحوها فيتغير الحكم بحسب ذلك وبهذا تجتمع الأخبار الواردة في ذلك ثم الذي يظهر من القسمة المذكورة أنها وقعت فيما عدا ما طبخ وأريق من الإبل والغنم التي كانوا
(٥٤٠)