حسن عن عائشة رفعته من أكل بشماله أكل معه الشيطان الحديث ونقل الطيبى ان معنى قوله إن الشيطان يأكل بشماله أي يحمل أولياءه من الانس على ذلك ليضاد به عباد الله الصالحين قال الطيبى وتحريره لا تأكلوا بالشمال فان فعلتم كنتم من أولياء الشيطان فان الشيطان يحمل أولياءه على ذلك انتهى وفيه عدول عن الظاهر والأولى حمل الخبر على ظاهره وان الشيطان يأكل حقيقة لان العقل لا يحيل ذلك وقد ثبت الخبر به فلا يحتاج إلى تأويله وحكى القرطبي في ذلك احتمالين ثم قال والقدرة صالحة ثم ذكر من عند مسلم ان الشيطان يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه قال وهذا عبارة عن تناوله وقيل معناه استحسانه رفع البركة من ذلك الطعام إذا لم يذكر اسم الله قال القرطبي وقوله صلى الله عليه وسلم فان الشيطان يأكل بشماله ظاهره أن من فعل ذلك تشبه بالشيطان وأبعد وتعسف من أعاد الضمير في شماله على الآكل قال النووي في هذه الأحاديث استحباب الأكل والشرب باليمين وكراهة ذلك بالشمال وكذلك كل أخذ وعطاء كما وقع في بعض طرق حديث ابن عمر وهذا إذا لم يكن عذر من مرض أو جراحة فإن كان فلا كراهة كذا قال وأجاب عن الاشكال في الدعاء على الرجل الذي فعل ذلك واعتذر فلم يقبل عذره بان عياضا ادعى أنه كان منافقا وتعقبه النووي بأن جماعة ذكروه في الصحابة وسموه بسرا بضم الموحدة وسكون المهملة واحتج عياض بما ورد في خبره أن الذي حمله على ذلك الكبر ورده النووي بأن الكبر والمخالفة لا يقتضى النفاق لكنه معصية إن كان الامر أمر ايجاب (قلت) ولم ينفصل عن اختياره أن الامر أمر ندب وقد صرح ابن العربي باثم من أكل بشماله واحتج بأن كل فعل ينسب إلى الشيطان حرام وقال القرطبي هذا الامر على جهة الندب لأنه من باب تشريف اليمين على الشمال لأنها أقوى في الغالب وأسبق للأعمال وأمكن في الاشغال وهى مشتقة من اليمن وقد شرف الله أصحاب الجنة إذ نسبهم إلى اليمين وعكسه في أصحاب الشمال قال وعلى الجملة فاليمين وما نسب إليها وما اشتق منها محمود لغة وشرعا ودينا والشمال على نقيض ذلك وإذا تقرر ذلك فمن الآداب المناسبة لمكارم الأخلاق والسيرة الحسنة عند الفضلاء اختصاص اليمن بالاعمال الشريفة والأحوال النظيفة وقال أيضا كل هذه الأوامر من المحاسن المكملة والمكارم المستحسنة والأصل فيما كان من هذا الترغيب والندب قال وقوله كل مما يليك محله ما إذا كان الطعام نوعا واحدا لان كل أحد كالحائز لما يليه من الطعام فأخذ الغير له تعد عليه مع ما فيه من تقذر النفس مما خاضت فيه الأيدي ولما فيه من اظهار الحرص والنهم وهو مع ذلك سوء أدب بغير فائدة أما إذا اختلفت الأنواع فقد أباح ذلك العلماء كذا قال (قوله فما زالت تلك طعمتي بعد) بكسر الطاء أي صفة أكلي أي لزمت ذلك وصار عادة لي قال الكرماني وفى بعض الروايات بالضم يقال طعم إذا أكل والطعمة الأكلة والمراد جميع ما تقدم من الابتداء بالتسمية والاكل باليمين والاكل مما يليه وقوله بعد بالضم على البناء أي استمر ذلك من صنيعي في الاكل وفى الحديث أنه ينبغي اجتناب الأعمال التي تشبه أعمال الشياطين والكفار وان للشيطان يدين وأنه يأكل ويشرب ويأخذ ويعطى وفيه جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي وفيه الامر بالمعروف والنهى عن المنكر حتى في حال الاكل وفيه استحباب تعليم أدب الأكل والشرب وفيه منقبة لعمر بن أبي سلمة لامتثاله الامر ومواظبته
(٤٥٧)