استشكل هذا التركيب وقال قوله وعن أبي حازم لا يصح عطفه على قوله عن أبيه لأنه يلزم منه اسقاط فضيل فيكون منقطعا إذ يصير التقدير عن أبيه وعن أبي حازم قال ولا يصح عطفه على قوله وعن أبي حازم لان المحدث الذي لم يعين هو محمد بن فضيل فيلزم الانقطاع أيضا قال وكان اللائق أن يقول وبه إلى أبى حازم انتهى وكأنه تلقفه من شيخنا في مجلس بسماعه للبخاري والا فلم يسمع بأن الشيخ شرح هذا الموضع والأول مسلم والثاني مردود لأنه لا مانع من عطف الراوي لحديث على الراوي بعينه لحديث آخر فكأن يوسف قال حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه عن أبي حازم بكذا وعن أبي حازم بكذا واللائق الذي ذكره صحيح لكنه لا يتعين بل لو قال وبه إلى أبيه عن أبي حازم لصح أو حذف قوله عن أبيه فقال وبه عن أبي حازم لصح وحدثنا تكون به مقدرة والمقدر في حكم الملفوظ وأوضح منه أن قوله وعن أبي حازم معطوف على قوله حدثنا محمد بن فضيل الخ فحذف ما بينهما للعلم به وزعم بعض الشراح أن هذا متعلق وليس كما قال فقد أخرجه أبو يعلى عن عبد الله ابن عمر بن أبان عن محمد بن فضيل بسند البخاري فيه فظهر أنه معطوف على السند المذكور كما قلته أولا ولله الحمد (قوله أصابني جهد شديد) أي من الجوع والجهد تقدم انه بالضم وبالفتح بمعنى والمراد به المشقة وهو في كل شئ بحسبه (قوله فاستقرأته آية) أي سألته ان يقرأ على آية من القرآن معينة على طريق الاستفادة وفى غالب النسخ فاستقريته بغير همز وهو جائز على التسهيل وإن كان أصله الهمزة (قوله فدخل داره وفتحها على) أي قرأها على وأفهمني إياها ووقع في ترجمة أبي هريرة في الحلية لأبي نعيم من وجه آخر عن أبي هريرة أن الآية المذكورة من سورة آل عمران وفيه فقلت له أقرأني وأنا لا أريد القراءة وانما أريد الاطعام وكأنه سهل الهمزة فلم يفطن عمر لمراده (قوله فخررت لوجهي من الجهد) أي الذي أشار إليه أولا وهو شدة الجوع ووقع في الرواية التي في الحلية أنه كان يومئذ صائما وانه لم يجد ما يفطر عليه (قوله فأمر لي بعس) بضم العين المهملة بعدها مهملة هو القدح الكبير (قوله حتى استوى بطني) أي استقام من امتلائه من اللبن (قوله كالقدح) بكسر القاف وسكون الدال بعدها حاء مهملة هو السهم الذي لا ريش له وسيأتى لأبي هريرة قصة في شرب اللبن مطولة في كتاب الرقاق وفيها أنه قال اشرب فقال لا أجد له مساغا ويستفاد منه جواز الشبع ولو حمل المراد بنفي المساغ على ما جرت به عادته لا انه أراد انه زاد على الشبع والله أعلم * (تنبيه) * ذكر لي محدث الديار الحلبية برهان الدين ان شيخنا سراج الدين البلقيني قال ليس في هذه الأحاديث الثلاثة ما يدل على الأطعمة المترجم عليها المتلو فيها الآيات المذكورة (قلت) وهو ظاهر إذا كان المراد مجرد ذكر أنواع الأطعمة أما إذا كان المراد بها ذلك وما يتعلق به من أحوالها وصفاتها فالمناسبة ظاهرة لان من جملة أحوالها الناشئة عنها الشبع والجوع ومن جملة صفاتها الحل والحرمة والمستلذ والمستخبث ومما ينشأ عنها الاطعام وتركه وكل ذلك ظاهر من الأحاديث الثلاثة وأما الآيات فإنها تضمنت الاذن في تناول الطيبات فكأنه أشار بالأحاديث إلى أن ذلك لا يختص بنوع من الحلال ولا المستلذ ولا بحالة الشبع ولا بسد الرمق بل بتناول ذلك بحسب الوجدان وبحسب الحاجة والله أعلم (قوله تولى ذلك) أي باشره من اشباعي ودفع الجوع عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكى الكرماني أن في رواية تولى الله ذلك قال ومن على هذا مفعول وعلى الأول فاعل انتهى ويكون
(٤٥٤)