الباب الذي يليه وصفه بأنه ربيب النبي صلى الله عليه وسلم (قوله كنت غلاما) أي دون البلوغ يقال للصبي من حين يولد إلى أن يبلغ الحلم غلام وقد ذكر ابن عبد البر أنه ولد في السنة الثانية من الهجرة إلى المدينة بأرض الحبشة وتبعه غير واحد وفيه نظر بل الصواب أنه ولد قبل ذلك فقد صح في حديث عبد الله بن الزبير أنه قال كنت أنا وعمر بن أبي سلمة مع النسوة يوم الخندق وكان أكبر منى بسنتين انتهى ومولد ابن الزبير في السنة الأولى على الصحيح فيكون مولد عمر قبل الهجرة بسنتين (قوله في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم) بفتح الحاء المهملة وسكون الجيم أي في تربيته وتحت نظره وانه يربيه في حضنه تربية الولد قال عياض الحجر يطلق على الحضن وعلى الثوب فيجوز فيه الفتح والكسر وإذا أريد به معنى الحضانة فبالفتح لا غير فان أريد به المنع من التصرف فبالفتح في المصدر وبالكسر في الاسم لا غير (قوله وكانت يدي تطيش في الصحفة) أي عند الاكل ومعنى تطيش وهو بالطاء المهملة والشين المعجمة بوزن تطير تتحرك فتميل إلى نواحي القصعة ولا تقتصر على موضع واحد قاله الطيبى قال والأصل اطيش بيدي فأسند الطيش إلى يده مبالغة وقال غيره معنى تطيش تخف وتسرع وسيأتى في الباب الذي يليه بلفظ أكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاما فجعلت آكل من نواحي الصحفة وهو يفسر المراد والصحفة ما تشبع خمسة ونحوها وهى أكبر من القصعة ووقع في رواية الترمذي من طريق عروة عن عمر بن أبي سلمة أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده طعام فقال ادن يا بنى ويأتي في الرواية التي في آخر الباب الذي يليه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بطعام وعنده ربيبه والجمع بينهما أن مجئ الطعام وافق دخوله (قوله يا غلام سم الله) قال النووي أجمع العلماء على استحباب التسمية على الطعام في أوله وفى نقل الاجماع على الاستحباب نظر الا ان أريد بالاستحباب أنه راجح الفعل والا فقد ذهب جماعة إلى وجوب ذلك وهو قضية القول بايجاب الاكل باليمين لان صيغة الامر بالجميع واحدة (قوله وكل بيمينك ومما يليك) قال شيخنا في شرح الترمذي حمله أكثر الشافعية على الندب وبه جزم الغزالي ثم النووي لكن نص الشافعي في الرسالة وفى موضع آخر من الام على الوجوب (قلت) وكذا ذكره عنه الصيرفي في شرح الرسالة ونقل البويطي في مختصره ان الاكل من رأس الثريد والتعريس على الطريق والقرآن في التمر وغير ذلك مما ورد الامر بضده حرام ومثل البيضاوي في منهاجه للندب بقوله صلى الله عليه وسلم كل مما يليك وتعقبه تاج الدين السبكي في شرحه بأن الشافعي نص في غير موضع على أن من أكل مما لا يليه عالما بالنهى كان عاصيا آثما قال وقد جمع والدي نظائر هذه المسئلة في كتاب له سماه كشف اللبس عن المسائل الخمس ونصر القول بأن الامر فيها للوجوب (قلت) ويدل على وجوب الاكل باليمين ورود الوعيد في الاكل بالشمال ففي صحيح مسلم من حديث سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يأكل بشماله فقال كل بيمينك قال لا أستطيع قال لا استطعت فما رفعها إلى فيه بعد وأخرج الطبراني من حديث سبيعة الأسلمية من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى سبيعة الأسلمية تأكل بشمالها فقال أخذها داء غزة فقال إن بها قرحة قال وان فمرت بغزة فأصابها طاعون فماتت واخرج محمد ابن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين نزلوا مصر وسنده حسن وثبت النهى عن الاكل بالشمال وأنه من عمل الشيطان من حديث ابن عمر ومن حديث جابر عند مسلم وعند أحمد بسند
(٤٥٦)