المطلقة البائن وقد احتجت فاطمة بنت قيس صاحبة القصة على مروان حين بلغها انكاره بقولها بيني وبينكم كتاب الله قال الله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن إلى قوله يحدث بعد ذلك أمرا قالت هذا لمن كانت له مراجعة فأي أمر يحدث بعد الثلاث وإذا لم يكن لها نفقة وليست حاملا فعلى م يحبسونها وقد وافق فاطمة على أن المراد بقوله تعالى يحدث بعد ذلك أمر المراجعة قتادة والحسن والسدي والضحاك أخرجه الطبري عنهم ولم يحك عن أحد غيرهم خلافة وحكى غيره أن المراد بالامر ما يأتي من قبل الله تعالى من نسخ أو تخصيص أو نحو ذلك فلم ينحصر ذلك في المراجعة وأما ما أخرجه أحمد من طريق الشعبي عن فاطمة في آخر حديثها مرفوعا انما السكنى والنفقة لمن يملك الرجعة فهو في أكثر الروايات موقوف عليها وقد بين الخطيب في المدرج أن مجالد بن سعيد تفرد برفعه وهو ضعيف ومن أدخله في رواية غير مجالد عن الشعبي فقد أدرجه وهو كما قال وقد تابع بعض الرواة عن الشعبي في رفعه مجالدا لكنه أضعف منه وأما قولها إذا لم يكن لها نفقة فعلى م يحبسونها فأجاب بعض العلماء عنه بأن السكنى التي تتبعها النفقة هو حال الزوجية الذي يمكن معه الاستمتاع ولو كانت رجعية وأما السكنى بعد البينونة فهو حق لله تعالى بدليل أن الزوجين لو اتفقا على اسقاط العدة لم تسقط بخلاف الرجعية فدل على أن لا ملازمة بين السكنى والنفقة وقد قال بمثل قول فاطمة أحمد واسحق وأبو ثور وداود وأتباعهم وذهب أهل الكوفة من الحنفية وغيرهم إلى أن لها النفقة والكسوة وأجابوا عن الآية بأنه تعالى انما قيد النفقة بحالة الحمل ليدل على ايجابها في غير حالة الحمل بطريق الأولى لان مدة الحمل تطول غالبا ورده ابن السمعاني بمنع العلة في طول مدة الحمل بل تكون مدة الحمل أقصر من غيرها تارة وأطول أخرى فلا أولوية وبأن قياس الحائل على الحامل فاسد لأنه يتضمن اسقاط تقييد ورد به النص في القرآن والسنة وأما قول بعضهم أن حديث فاطمة أنكره السلف عليها كما تقدم من كلام عائشة وكما أخرج مسلم من طريق أبى اسحق كنت مع الأسود بن يزيد في المسجد فحدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة فأخذ الأسود كفا من حصى فحصبه به وقال ويلك تحدث بهذا قال عمر لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت قال الله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن فالجواب عنه ان الدارقطني قال قوله في حديث عمر وسنة نبينا غير محفوظ والمحفوظ لا ندع كتاب ربنا وكأن الحامل له على ذلك أن أكثر الروايات ليست فيها هذه الزيادة لكن ذلك لا يرد رواية النفقة ولعل عمر أراد بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ما دلت عليه أحكامه من اتباع كتاب الله لا أنه أراد سنة مخصوصة في هذا ولقد كان الحق ينطق على لسان عمر فان قوله لا ندري حفظت أو نسيت قد ظهر مصداقه في أنها أطلقت في موضع التقييد أو عممت في موضع التخصيص كما تقدم بيانه وأيضا فليس في كلام عمر ما يقتضى ايجاب النفقة وانما أنكر اسقاط السكنى وادعى بعض الحنفية أن في بعض طرق حديث عمر للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة ورده ابن السمعاني بأنه من قول بعض المجازفين فلا تحل روايته وقد أنكر أحمد ثبوت ذلك عن عمر أصلا ولعله أراد ما ورد من طريق إبراهيم النخعي عن عمر لكونه لم يلقه وقد بالغ الطحاوي في تقرير مذهبه فقال خالفت فاطمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لان عمر روى خلاف ما روت فخرج المعنى الذي
(٤٢٤)