قيس وقوله وحش بفتح الواو وسكون المهملة بعدها معجمة أي خال لا أنيس به ولرواية ابن أبي الزناد هذه شاهد من رواية أبى أسامة عن هشام بن عروة لكن قال عن أبيه عن فاطمة بنت قيس قالت قلت يا رسول الله ان زوجي طلقني ثلاثا فأخاف أن يقتحم على فأمرها فتحولت وقد أخذ البخاري الترجمة من مجموع ما ورد في قصة فاطمة فرتب الجواز على أحد الامرين اما خشية الاقتحام عليها واما أن يقع منها على أهل مطلقها فحش من القول ولم ير بين الامرين في قصة فاطمة معارضة لاحتمال وقوعهما معا في شأنها وقال ابن المنير ذكر البخاري في الترجمة علتين وذكر في الباب واحدة فقط وكأنه أومأ إلى الأخرى اما لورودها على غير شرط واما لان الخوف عليها إذا اقتضى خروجها فمثله الخوف منها بل لعله أولى في جواز اخراجها فما صح عنده معنى العلة الأخرى ضمنها الترجمة وتعقب بأن الاقتصار في بعض طرق الحديث على بعضه لا يمنع قبول بعض آخر إذا صح طريقه فلا مانع أن يكون أصل شكواها ما تقدم من استقلال النفقة وانه اتفق أنه بدا منها بسبب ذلك شر لاصهارها واطلع النبي صلى الله عليه وسلم عليه من قبلهم وخشي عليها ان استمرت هناك أن يتركوها بغير أنيس فأمرت بالانتقال (قلت) ولعل البخاري أشار بالثاني إلى ما ذكره في الباب قبله من قول مروان لعائشة إن كان بك شر فإنه يومئ إلى أن السبب في ترك أمرها بملازمة السكن ما وقع بينها وبين أقارب زوجها من الشر وقال ابن دقيق العيد سياق الحديث يقتضى أن سبب الحكم انها اختلفت مع الوكيل بسبب استقلالها ما أعطاها وانها لما قال لها الوكيل لا نفقة لك سألت النبي صلى الله عليه وسلم فأجابها بأنها لا نفقة لها ولا سكنى فاقتضى أن التعليل انما هو بسبب ما جرى من الاختلاف لا بسبب الاقتحام والبذاءة فان قام دليل أقوى من هذا الظاهر عمل به (قلت) المتفق عليه في جميع طرقه ان الاختلاف كان في النفقة ثم اختلفت الروايات ففي بعضها فقال لا نفقة لك ولا سكنى وفى بعضها أنه لما قال لها لا نفقة لك استأذنته في الانتقال فأذن لها وكلها في صحيح مسلم فإذا جمعت ألفاظ الحديث من جميع طرقه خرج منها أن سبب استئذانها في الانتقال ما ذكر من الخوف عليها ومنها واستقام الاستدلال حينئذ على أن السكنى لم تسقط لذاتها وانما سقطت للسبب المذكور نعم كانت فاطمة بنت قيس تجزم باسقاط سكنى البائن ونفقتها وتستدل لذلك كما سيأتي ذكره ولهذا كانت عائشة تنكر عليها * (تنبيه) * طعن أبو محمد بن حزم في رواية ابن أبي الزناد المعلقة فقال عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف جدا وحكم على روايته هذه بالبطلان وتعقب بأنه مختلف فيه ومن طعن فيه لم يذكر ما يدل على تركه فضلا عن بطلان روايته وقد جزم يحيى بن معين بأنه أثبت الناس في هشام ابن عروة وهذا من روايته عن هشام فلله در البخاري ما أكثر استحضاره وأحسن تصرفه في الحديث والفقه وقد اختلف السلف في نفقة المطلقة البائن وسكناها فقال الجمهور لا نفقة لها ولها السكنى واحتجوا لاثبات السكنى بقوله تعالى أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولاسقاط النفقة بمفهوم قوله تعالى وان كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فان مفهومه أن غير الحامل لا نفقة لها والا لم يكن لتخصيصها بالذكر معنى والسياق يفهم أنها في غير الرجعية لان نفقة الرجعية واجبة لو لم تكن حاملا وذهب أحمد واسحق وأبو ثور إلى أنه لا نفقة لها ولا سكنى على ظاهر حديث فاطمة بنت قيس ونازعوا في تناول الآية الأولى
(٤٢٣)