البقرة وفهم بعضهم منه أنه يرى نخخ الأولى بالأخيرة وليس ذلك مراده وانما يعنى أنها مخصصة لها فإنها أخرجت منها بعض متناولاتها وقال ابن عبد البر لولا حديث سبيعة لكان القول ما قال على وابن عباس لأنهما عدتان مجتمعان بصفتين وقد اجتمعتا في الحامل المتوفى عنها زوجها فلا تخرج من عدتها الا بيقين واليقين آخر الأجلين وقد اتفق الفقهاء من أهل الحجاز والعراق أن أم الولد لو كانت متزوجة فمات زوجها ومات سيدها معا أن عليها أن تأتى بالعدة والاستبراء بأن تتربص أربعة أشهر وعشرا فيها حيضة أو بعدها ويترجح قول الجمهور أيضا بأن الآيتين وان كانتا عامتين من وجه خاصتين من وجه فكان الاحتياط أن لا تنقضى العدة الا بآخر الأجلين لكن لما كان المعنى المقصور الأصلي من العدة براءة الرحم ولا سيما فيمن تحيض يحصل المطلوب بالوضع ووافق ما دل عليه حديث سبيعة ويقويه قول ابن مسعود في تأخر نزول آية الطلاق عن آية البقرة واستدل بقوله فأفتاني بأني حللت حين وضعت حملي بأنه يجوز العقد عليها إذا وضعت ولو لم تطهر من دم النفاس وبه قال الجمهور والى ذلك أشار ابن شهاب في آخر حديثه عند مسلم بقوله ولا أرى بأسا أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر وقال الشعبي والحسن والنخعي وحماد بن سلمة لا تنكح حتى تطهر قال القرطبي وحديث سبيعة حجة عليهم ولا حجة لهم في قوله في بعض طرقه فلما تعلت من نفاسها لان لفظ تعلت كما يجوز أن يكون معناه طهرت جاز أن يكون استعلت من ألم النفاس وعلى تقدير تسليم الأول فلا حجة فيه أيضا لأنها حكاية واقعة سبيعة والحجة انما هو في قول النبي صلى الله عليه وسلم انها حلت حين وضعت كما في حديث الزهري المتقدم ذكره وفى رواية معمر عن الزهري حللت حين وضعت حملك وكذا أخرجه أحمد من حديث أبي بن كعب أن امرأته أم الطفيل قالت لعمر قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبيعة أن تنكح إذا وضعت وهو ظاهر القرآن في قوله تعالى أن يضعن حملهن فعلق الحل بحين الوضع وقصره عليه ولم يقل إذا طهرت ولا إذا انقطع دمك فصح ما قال الجمهور وفى قصة سبيعة من الفوائد أن الصحابة كانوا يفتون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وان المفتى إذا كان له ميل إلى الشئ لا ينبغي له أن يفتى فيه لئلا يحمله الميل إليه على ترجيح ما هو مرجوح كما وقع لأبي السنابل حيث أفتى سبيعة أنها لا تحل بالوضع لكونه كان خطبها فمنعته ورجا أنها إذا قبلت ذلك منه وانتظرت مضى المدة حضر أهلها فرغبوها في زواجه دون غيره وفيه ما كان في سبيعة من الشهامة والفطنة حيث ترددت فيما أفتاها به حتى حملها ذلك على استيضاح الحكم من الشارع وهكذا ينبغي لمن ارتاب في فتوى المفتى أو حكم الحاكم في مواضع الاجتهاد أن يبحث عن النص في تلك المسئلة ولعل ما وقع من أبى السنابل من ذلك هو السر في اطلاق النبي صلى الله عليه وسلم أنه كذب في الفتوى المذكورة كما أخرجه أحمد من حديث ابن مسعود على أن الخطا قد يطلق عليه الكذب وهو في كلام أهل الحجاز كثير وحمله بعض العلماء على ظاهره فقال انما كذبه لأنه كان عالما بالقصة وأفتى بخلافه حكاه ابن داود عن الشافعي في شرح المختصر وهو بعيد وفيه الرجوع في الوقائع إلى الأعلم ومباشرة المرأة السؤال عما ينزل بها ولو كان مما يستحى النساء من مثله لكن خروجها من منزلها ليلا يكون أستر لها كما فعلت سبيعة وفيه أن الحامل تنقضى عدتها بالوضع على أي صفة كان من مضغة أو من علقة
(٤١٩)