عباس على ذلك فلذلك قال ردها بالنكاح الأول وتعقب بأنه لا يظن بالصحابة أن يجزموا بحكم بناء على أن البناء بشئ قد يكون الامر بخلافه وكيف يظن بابن عباس أن يشتبه عليه نزول آية الممتحنة والمنقول من طرق كثيرة عنه يقتضى اطلاعه على الحكم المذكور وهو تحريم استقرار المسلمة تحت الكافر فلو قدر اشتباهه عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجز استمرار الاشتباه عليه بعده حتى يحدث به بعد دهر طويل وهو يوم حدث به يكاد أن يكون أعلم أهل عصره وأحسن المسالك في هذين الحديثين ترجيح حديث ابن عباس كما رجحه الأئمة وحمله على تطاول العدة فيما بين نزول آية التحريم واسلام أبى العاص ولا مانع من ذلك من حيث العادة فضلا عن مطلق الجواز وأغرب ابن حزم فقال ما ملخصه ان قوله ردها إليه بعد كذا مراده جمع بينهما والا فاسلام أبى العاص كان قبل الحديبية وذلك قبل أن ينزل تحريم المسلمة على المشرك هكذا زعم وهو مخالف لما أطبق عليه أهل المغازي أن اسلامه كان في الهدنة بعد نزول آية التحريم وقد سلك بعض المتأخرين فيه مسلكا آخر فقرأت في السيرة النبوية للعماد بن كثير بعد ذكر بعض ما تقدم قال وقال آخرون بل الظاهر انقضاء عدتها وضعف رواية من قال جدد عقدها وانما يستفاد منه أن المرأة إذا أسلمت وتأخر اسلام زوجها أن نكاحها لا ينفسخ بمجرد ذلك بل تتخير بين أن تتزوج غيره أو تتربص إلى أن يسلم فيستمر عقده عليها وحاصله أنها زوجته ما لم تتزوج ودليل ذلك ما وقع في حديث الباب في عموم قوله فان هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه والله أعلم ثم ذكر البخاري حديث عائشة في شأن الامتحان وبيانه لشدة تعلقه بأصل المسألة (قوله وقال إبراهيم بن المنذر حدثني ابن وهب) ذكر أبو مسعود أنه وصله عن إبراهيم بن المنذر وقد وصله أيضا الذهلي في الزهريات عن إبراهيم بن المنذر وسيأتى اللفظ في البخاري كرواية يونس فان مسلما أخرجه عن أبي الطاهر بن السرح عن ابن وهب كذلك وأما لفظ رواية عقيل فتقدمت في أول الشروط وأشار الإسماعيلي إلى أن رواية عقيل المذكورة في الباب لا تخالفها (قوله كانت المؤمنات إذا هاجرن) أي من مكة إلى المدينة قبل عام الفتح (قوله يمتحنهن بقول الله تعالى) أي يختبرهن فيما يتعلق بالايمان فيما يرجع إلى ظاهر الحال دون الاطلاع على ما في القلوب والى ذلك الإشارة بقوله تعالى الله أعلم بايمانهن (قوله مهاجرات) جمع مهاجرة والمهاجرة بفتح الجيم المغاضبة قال الأزهري أصل الهجرة خروج البدوي من البادية إلى القرية وإقامته بها والمراد بها ههنا خروج النسوة من مكة إلى المدينة مسلمات (قوله إلى آخر الآية) يحتمل الآية بعينها وآخرها والله عليم حكيم ويحتمل أن يريد بالآية القصة وآخرها غفور رحيم وهذا هو المعتمد فقد تقدم في أوائل الشروط من طريق عقيل وحده عن ابن شهاب عقب حديثه عن عروة عن المسور ومروان قال عروة فأخبرتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحنهن بهذه الآية يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات إلى غفور رحيم وكذا وقع في رواية ابن أخي الزهري عن الزهري في تفسير الممتحنة (قوله قالت عائشة) هو موصول بالاسناد المذكور (قوله فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات فقد أقر بالمحنة) يشير إلى شرط الايمان وأوضح من هذا ما أخرجه الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال كان امتحانهن أن يشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأما ما أخرجه الطبري أيضا والبزار من طريق
(٣٧٤)