به في غير الواجب واستحباب شفاعة الحاكم في الرفق بالخصم حيث لا ضرر ولا الزام ولا لوم على من خالف ولا غضب ولو عظم قدر الشافع وترجم له النسائي شفاعة الحاكم في الخصوم قبل فصل الحكم ولا يجب على المشفوع عنده القبول ويؤخذ منه أن التصميم في الشفاعة لا يسوغ فيما تشق الإجابة فيه على المسؤول بل يكون على وجه العرض والترغيب وفيه جواز الشفاعة قبل أن يسألها المشفوع له لأنه لم ينقل أن مغيثا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع له كذا قيل وقد قدمت أن في بعض الطرق أن العباس هو الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فيحتمل أن يكون مغيث سأل العباس في ذلك ويحتمل أن يكون العباس ابتدأ ذلك من قبل نفسه شفقة منه على مغيث ويؤخذ منه استحباب ادخال السرور على قلب المؤمن وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به فيه أن الشافع يؤجر ولو لم تحصل اجابته وأن المشفوع عنده إذا كان دون قدر الشافع لم تمتنع الشفاعة قال وفيه تنبيه الصاحب صاحبه على الاعتبار بآيات الله وأحكامه لتعجيب النبي صلى الله عليه وسلم العباس من حب مغيث بريرة قال ويؤخذ منه أن نظره صلى الله عليه وسلم كان كله بحضور وفكر وان كلما خالف العادة يتعجب منه ويعتبر به وفيه حسن أدب بريرة لأنها لم تفصح برد الشفاعة وانما قالت لا حاجة لي فيه وفيه أن فرط الحب يذهب الحياء لما ذكر من حال مغيث وغلبة الوجد عليه حتى لم يستطع كتمان حبها وفى ترك النكير عليه بيان جواز قبول عذر من كان في مثل حاله ممن يقع منه ما لا يليق بمنصبه إذا وقع بغير اختياره ويستنبط من هذا معذرة أهل المحبة في الله إذا حصل لهم الوجد من سماع ما يفهمون منه الإشارة إلى أحوالهم حيث يظهر منهم ما لا يصدر عن اختيار من الرقص ونحوه وفيه استحباب الاصلاح بين المتنافرين سواء كانا زوجين أم لا وتأكيد الحرمة بين الزوجين إذا كان بينهما ولد لقوله صلى الله عليه وسلم أنه أبو ولدك ويؤخذ منه أن الشافع يذكر للمشفوع عنده ما يبعث على قبوله من مقتضى الشفاعة والحامل عليها وفيه جواز شراء الأمة دون ولدها وأن الولد يثبت بالفراش والحكم بظاهر الامر في ذلك (قلت) ولم أقف على تسمية أحد من أولاد بريرة والكلام محتمل لان يريد به أنه أبو ولدها بالقوة لكنه خلاف الظاهر وفيه جواز نسبة الولد إلى أمه وفيه أن المرأة الثيب لا اجبار عليها ولو كانت معتوقة وجواز خطبة الكبير والشريف لمن هو دونه وفيه حسن الأدب في المخاطبة حتى من الأعلى مع الأدنى وحسن التلطف في الشفاعة وفيه أن للعبد أن يخطب مطلقته بغير اذن سيده وأن خطبة المعتدة لا تحرم على الأجنبي إذا خطبها لمطلقها وأن فسخ النكاح لا رجعة فيه الا بنكاح جديد وأن الحب والبغض بين الزوجين لا لوم فيه على واحد منهما لأنه بغير اختيار وجواز بكاء المحب على فراق حبيبه وعلى ما يفوته من الأمور الدنيوية ومن الدينية بطريق الأولى وأنه لا عار على الرجل في اظهار حبه لزوجته وأن المرأة إذا أبغضت الزوج لم يكن لوليها اكراهها على عشرته إذا أحبته لم يكن لوليها التفريق بينهما وجواز ميل الرجل إلى امرأة يطمع في تزويجها أو رجعتها وجواز كلام الرجل لمطلقته في الطرق واستعطافه لها واتباعها أين سلكت كذلك ولا يخفى أن محل الجواز عند أمن الفتنة وجواز الاخبار عما يظهر من حال المرء وان لم تفصح به لقوله صلى الله عليه وسلم للعباس ما قال وفيه جواز رد الشافع المنة على المشفوع إليه بقبول شفاعته لان قول بريرة للنبي صلى الله عليه وسلم
(٣٦٥)