قالت لا الجبل سهل فلا يشق ارتقاؤه لاخذ اللحم ولو كان هزيلا لان الشئ المزهود فيه قد يؤخذ إذا وجد بغبر نصب ثم قالت ولا اللحم سمين فيتحمل المشقة في صعود الجبل لأجل تحصيله (قوله فيرتقى) أي فيصعد فيه وهو وصف للجبل وفى رواية للطبراني لا سهل فيرتقى إليه (قوله ولا سمين فينتقل) في رواية أبى عبيد فينتقى وهذا وصف اللحم والأول من الانتقال أي أنه لهزاله لا يرغب أحد فيه؟؟؟ فينتقل إليه يقال انتقلت الشئ أي نقلته ومعنى ينتقى ليس له نقى يستخرج والنقي المخ يقال نقوت العظم ونقيته وانتقيته إذا استخرجت مخه وقد كثر استعماله في اختيار الجيد من الردئ قال عياض أرادت أنه ليس له نقى فيطلب لأجل ما فيه من النقي وليس المراد أنه فيه نقى يطلب استخراجه قالوا آخر ما يبقى في الجمل مخ عظم المفاصل ومخ العين وإذا نفدا لم يبق فيه خير قالوا وصفته بقلة الخير وبعده مع القلة فشبهته باللحم الذي صغرت عظامه عن النقي وخبث طعمه وريحه مع كونه في مرتقى يشق الوصول إليه فلا يرغب أحد في طلبه لينقله إليه مع توفر دواعي أكثر الناس على تناول الشئ المبذول مجانا وقال النووي فسره الجمهور بأنه قليل الخير من أوجه منها كونه كلحم الجمل لا كلحم الضأن مثلا ومنها أنه مع ذلك مهزول ردئ ويؤيده قول أبي سعيد الضرير ليس في اللحوم أشد غثاثة من لحم الجمل لأنه يجمع خبث الطعم وخبث الريح ومنها أنه صعب التناول لا يوصل إليه الا بمشقة شديدة وذهب الخطابي إلى أن تشبيهها بالجبل الوعر إشارة إلى سوء خلقه وأنه يترفع ويتكبر ويسمو بنفسه فوق موضعها فيجمع البخل وسوء الخلق وقال عياض شبهت وعورة خلقه بالجبل وبعد خيره ببعد اللحم على رأس الجبل والزهد فيما يرجى منه مع قلته وتعذره بالزهد في لحم الجمل الهزيل فأعطت التشبيه حقه ووفته قسطه (قوله قالت الثانية زوجي لا أبث خبره) بالموحدة ثم المثلثة وفى رواية حكاها عياض أنث بالنون بدل الموحدة أي لا أظهر حديثه وعلى رواية النون فمرادها حديثه الذي لا خير فيه لان النث بالنون أكثر ما يستعمل في الشر ووقع في رواية للطبراني لا أنم بنون وميم من النميمة (قوله انى أخاف أن لا أذره) أي أخاف أن لا أترك من خبره شيئا فالضمير للخبر أي أنه لطوله وكثرته ان بدأته لم أقدر على تكميله فاكتفت بالإشارة إلى معايبه خشية أن يطول الخطب بايراد جميعها ووقع في رواية عباد بن منصور عند النسائي أخشى أن لا أذره من سوء وهذا تفسير ابن السكيت ويؤيده أن في رواية عقبة بن خالد انى أخاف أن لا أذره أذكره وأذكر عجره وبجره وقال غيره الضمير لزوجها وعليه يعود ضمير عجره وبجره بلا شك كأنها خشيت إذا ذكرت ما فيه أن يبلغه فيفارقها فكأنها قالت أخاف أن لا أقدر على تركه لعلاقتي به وأولادي منه وأذره بمعنى أفارقه فاكتفت بالإشارة إلى أن له معائب وفاء بما التزمته من الصدق وسكتت عن تفسيرها للمعنى الذي اعتذرت به ووقع في رواية الزبير زوجي من لا أذكره ولا أبث خبره والأول أليق بالسجع (قوله عجره وبجره) بضم أوله وفتح الجيم فيهما الأول بعين مهملة والثاني بموحدة جمع عجرة وبجرة بضم ثم سكون فالعجر تعقد العصب والعروق في الجسد حتى تصير ناتئة والبجر مثلها الا أنها مختصة بالتي تكون في البطن قاله الأصمعي وغيره وقال ابن الاعرابى العجرة نفخة في الظهر والبجرة نفخة في السرة وقال ابن أبي أويس العجر العقد التي تكون في البطن واللسان والبجر العيوب وقيل العجر
(٢٢٤)