التفرقة بين الثيب والبكر فعبر للثيب بالاستئمار وللبكر بالاستئذان فيؤخذ منه فرق بينهما من جهة ان الاستئمار يدل على تأكيد المشاورة وجعل الامر إلى المستأمرة ولهذا يحتاج الولي إلى صريح اذنها في العقد فإذا صرحت بمنعه امتنع اتفاقا والبكر بخلاف ذلك والاذن دائر بين القول والسكوت بخلاف الامر فإنه صريح في القول وانما جعل السكوت اذنا في حق البكر لأنها قد تستحى أن تفصح (قوله قالوا يا رسول الله) في رواية عمر بن أبي سلمة قلنا وحديث عائشة صريح في أنها هي السائلة عن ذلك (قوله وكيف اذنها) في حديث عائشة قلت إن البكر تستحى وستأتى ألفاظه * الحديث الثاني (قوله حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق) أي ابن قرة الهلالي أبو حفص المصري أصله كوفي سمع من مالك والليث ويحيى بن أيوب وغيرهم روى عنه القدماء مثل يحيى بن معين واسحق الكوسج وأبى عبيد وإبراهيم بن هانئ وهو من قدماء شيوخ البخاري ولم أر له عنه في الجامع الا هذا الحديث وقد وثقه العجلي والدارقطني ومات سنة تسع عشرة ومائتين (قوله حدثنا الليث) في رواية الكشميهني أنبأنا (قوله عن أبي عمرو مولى عائشة) في رواية ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ذكوان وسيأتى في ترك الحيل ويأتي في الاكراه من هذا الوجه بلفظ عن أبي عمرو هو ذكوان (قوله أنها قالت يا رسول الله ان البكر تستحى) هكذا أورده من طريق الليث مختصرا ووقع في رواية ابن جريج في ترك الحيل قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البكر تستأذن قلت فذكر مثله وفى الاكراه بلفظ قلت يا رسول الله تستأمر النساء في أبضاعهن قال نعم قلت فان البكر تستأمر فتستحي فتسكت وفى رواية مسلم من هذا الوجه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها أتستأمر أم لا قال نعم تستأمر قلت فإنها تستحى (قوله قال رضاها صمتها) في رواية ابن جريج قال سكاتها اذنها وفى لفظ له قال اذنها صماتها وفى رواية مسلم من طريق ابن جريج أيضا قال فذلك اذنها إذا هي سكتت ودلت رواية البخاري على أن المراد بالجارية في رواية مسلم البكر دون الثيب وعند مسلم أيضا من حديث ابن عباس والبكر تستأذن في نفسها وأذنها صماتها وفى لفظ له والبكر يستأذنها أبوها في نفسها قال ابن المنذر يستحب اعلام البكر أن سكوتها اذن لكن لو قالت بعد العقد ما علمت أن صمتي اذن لم يبطل العقد بذلك عند الجمهور وأبطله بعض المالكية وقال ابن شعبان منهم يقال لها ذلك ثلاثا ان رضيت فاسكتي وان كرهت فانطقي وقال بعضهم يطال المقام عندها لئلا تخجل فيمنعها ذلك من المسارعة واختلفوا فيما إذا لم تتكلم بل ظهرت منها قرينة السخط أو الرضا بالتبسم مثلا أو البكاء فعند المالكية ان نفرت أو بكت أو قامت أو ظهر منها ما يدل على الكراهة لم تزوج وعند الشافعية لا أثر لشئ من ذلك في المنع الا أن قرنت مع البكاء الصياح ونحوه وفرق بعضهم بين الدمع فإن كان حارا دل على المنع وإن كان باردا دل على الرضا قال وفى هذا الحديث إشارة إلى أن البكر التي أمر باستئذانها هي البالغ إذ لا معنى لاستئذان من لا تدرى ما الاذن ومن يستوى سكوتها وسخطها ونقل ابن عبد البر عن مالك أن سكوت البكر اليتيمة قبل اذنها وتفويضها لا يكون رضا منها بخلاف ما إذا كان بعد تفويضها إلى وليها وخص بعض الشافعية الاكتفاء بسكوت البكر البالغ بالنسبة إلى الأب والجد دون غيرهما لأنها تستحى منهما أكثر من غيرهما والصحيح الذي عليه الجمهور استعمال الحديث في جميع الابكار بالنسبة
(١٦٥)