فلم يبلغ بعضهم فاستمر على الرخصة فلذلك قرن النهى بالغضب لتقدم النهى في ذلك على أن في حديث أي هريرة مقالا فإنه من رواية مؤمل بن إسماعيل عن عكرمة بن عمار وفى كل منهما مقال وأما حديث جابر فلا يصح فإنه من طريق عباد بن كثير هو متروك وأما حجة الوداع فهو اختلاف على الربيع بن سبرة والرواية عنه بأنها في الفتح أصح وأشهر فإن كان حفظه فليس في سياق أبى داود سوى مجرد النهى فلعله صلى الله عليه وسلم أراد إعادة النهى ليشيع ويسمعه من لم يسمعه قبل ذلك فلم يبق من المواطن كما قلنا صحيحا صريحا سوى غزوة خيبر وغزوة الفتح وفى غزوة خيبر من كلام أهل العلم ما تقدم وزاد ابن القيم في الهدى أن الصحابة لم يكونوا يستمتعون باليهوديات يعنى فيقوى أن النهى لم يقع يوم خيبر أو لم يقع هناك نكاح متعة لكن يمكن أن يجاب بان يهود خيبر كانوا يصاهرون الأوس والخزرج قبل الاسلام فيجوز أن يكون هناك من نسائهم من وقع التمتع بهن فلا ينهض الاستدلال بما قال قال الماوردي في الحاوي في تعيين موضع تحريم المتعة وجهان أحدهما أن التحريم تكرر ليكون أظهر وأنشر حتى يعمله من لم يكن علمه لأنه قد يحضر في بعض المواطن من لا يحضر في غيرها والثاني أنها أبيحت مرارا ولهذا قال في المرة الأخيرة إلى يوم القيامة إشارة إلى أن التحريم الماضي كان مؤذنا بأن الإباحة تعقبه بخلاف هذا فإنه تحريم مؤبد لا تعقبه إباحة أصلا وهذا الثاني هو المعتمد ويرد الأول التصريح بالاذن فيها في الموطن المتأخر عن الموطن الذي وقع التصريح فيه بتحريمها كما في غزوة خيبر ثم الفتح وقال النووي الصواب أن تحريمها واباحتها وقعا مرتين فكانت مباحة قبل خيبر ثم حرمت فيها ثم أبيحت عام الفتح وهو عام أوطاس ثم حرمت تحريما مؤبدا قال ولا مانع من تكرير الإباحة ونقل غيره عن الشافعي أن المتعة نسخت مرتين وقد تقدم في أوائل النكاح حديث ابن مسعود في سبب الاذن في نكاح المتعة وأنهم كانوا إذا غزوا اشتدت عليهم العزبة فأذن لهم في الاستمتاع فلعل النهى كان يتكرر في كل موطن بعد الاذن فلما وقع في المرة الأخيرة أنها حرمت إلى يوم القيامة لم يقع بعد ذلك اذن والله أعلم والحكمة في جمع على بين النهى عن الحمر والمتعة أن ابن عباس كان يرخص في الامرين معا وسيأتى النقل عنه في الرخصة في الحمر الأهلية في أوائل كتاب الأطعمة فرد عليه على في الامرين معا وأن ذلك يوم خيبر فاما أن يكون على ظاهره وأن النهى عنهما وقع في زمن واحد واما أن يكون الاذن الذي وقع عام الفتح لم يبلغ عليا لقصر مدة الاذن وهو ثلاثة أيام كما تقدم والحديث في قصة تبوك على نسخ الجواز في السفر لأنه نهى عنها في أوائل انشاء السفر مع أنه كان سفرا بعيدا والمشقة فيه شديدة كما صرح به في الحديث في توبة كعب وكان علة الإباحة وهى الحاجة الشديدة اتتهت من بعد فتح خيبر وما بعدها والله أعلم والجواب عن قول السهيلي انه لم يكن في خيبر نساء يستمتع بهن ظاهر مما بينته من الجواب عن قول ابن القيم لم تكن الصحابة يتمتعون باليهوديات وأيضا فيقال كما تقدم لم يقع في الحديث التصريح بأنهم استمتعوا في خيبر وانما فيه مجرد النهى فيؤخذ منه أن التمتع من النساء كان حلالا وسبب تحليله ما تقدم في حديث ابن مسعود حيث قال كنا نغزو وليس لنا شئ ثم قال فرخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب فأشار إلى سبب ذلك وهو الحاجة مع قلة الشئ وكذا في حديث سهل بن سعد الذي أخرجه ابن عبد البر بلفظ انما رخص النبي صلى الله عليه وسلم في
(١٤٧)