ثم قام بهما في موضع مقام إبراهيم عليه السلام فصلى ركعتين وصليا ثم أراهما المناسك وما يعملان به فلما قضيا مناسكهما امر الله تعالى إبراهيم عليه السلام بالانصراف وأقام إسماعيل وحده ما معه أحد غير أمه فلما كان من قابل اذن الله لإبراهيم في الحج وبناء الكعبة وكانت العرب يحج اليه وانما كان ردما " الا ان قواعده معروفة فلما صدر الناس جمع إسماعيل الحجارة وطرحها في جوف الكعبة.
فلما اذن الله له في البناء قدم إبراهيم فقال يا بني قد امرنا الله ببناء الكعبة وكشفا عنها فإذا هو حجر واحد احمر فأوحى الله عز وجل اليه ضع بناها عليه وانزل الله عز وجل أربعة املاك يجمعون اليه الحجارة فكان إبراهيم وإسماعيل يصنعان الحجارة والملائكة تناولهما حتى تمت اثنى عشر ذراعا " وهيئا له بابين بابا " يدخل منه وبابا " يخرج منه ووضعا عليه عتبا " وشريجا " - 1 - من حديد على أبوابه وكانت الكعبة عريانة فصدر إبراهيم وقد سوى البيت وأقام إسماعيل فلما ورد عليه الناس نظر إلى امرأة من حمير أعجبه جمالها فسئل الله عز وجل ان يزوجها إياه وكان لها بعل فقضى الله على بعلها الموت - 2 - وأقامت بمكة حزنا " على بعلها فأسلى الله ذلك عنها وزوجها إسماعيل وقدم إبراهيم عليه السلام الحج وكانت امرأته - 3 - مونقة.
وخرج إسماعيل عليه السلام إلى الطائف يمتار لأهله طعاما " فنظرت إلى شيخ شعث فسألها عن حالهم فأخبرته بحسن حال فسألها عنه خاصة فأخبرته بحسن الدين وسألها ممن أنت فقالت امرأة من حمير فسار إبراهيم ولم يلق إسماعيل عليه السلام وقد كتب إبراهيم (ع) كتابا " فقال ادفعي هذا إلى بعلك إذا أتى انشاء الله فقدم عليها إسماعيل عليه السلام فدفعت اليه الكتاب فقرأه فقال أتدرين من هذا الشيخ فقالت لقد رأيته جميلا " فيه مشابهة منك قال ذاك إبراهيم عليه السلام فقالت واسوأتاه منه فقال ولم نظر إلى شئ من محاسنك فقالت لا ولكن خفت ان أكون قد قصرت وقالت له المرأة وكانت عاقلة فهلا تعلق على هذين البابين سترين سترا من ها هنا وسترا من ها هنا فقال لها نعم فعملا لهما سترين طولهما اثنى عشر ذراعا " فعلقاهما على البابين