خاضعين ولو فعل لسقط البلوى عن الناس أجمعين.
ولكن الله جل ثناؤه جعل رسله أولى قوة في عزائم نياتهم وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم من قناعة تملأ القلوب والعيون غناه - 1 - وخصاصة تملأ الاسماع والابصار إذا - (ه - خ) ولو كانت الأنبياء اهل قوة لا ترام وعزة لا تضام وملك تمد نحوه أعناق الرجال ويشد اليه عقد الرحال لكان أهون على الخلق في الاختيار وأبعد لهم في الاستكبار ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مائلة بهم فكانت النيات مشتركة والحسنات مقتسمة ولكن الله أراد أن يكون الاتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لامره والاستسلام اليه - 2 - أمور اله خاصة (و - خ) لا تشوبها م غيرها شائبة وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل الا ترون ان الله جل ثناؤه اختبر الأولين من لدن آدم إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار ما (لا - خ) تضر ولا تنفع ولا تبصر ولا تسمع فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما ثم جعله - 3 - بأوعر بقاع الأرض حجرا وأقل نتائق الدنيا مدرا وأضيق بطون الأودية معاشا وأغلظ محال المسلمين مياها بين جبال خشنة ورمال دمثة وعيون وشلة وقرى منقطعة واثر من مواضع قطر السماء داثر ليس يزكو به خف ولا ظلف ولا حافر ثم امر آدم وولده ان يثنوا أعطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع أسفارهم وغاية لملقى رحالهم تهوى اليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار متصلة وجزائر بحار منقطعة ومهاوي فجاج عميقة حتى يهزوا مناكبهم ذللا يهللون لله حوله ويرملوا - 4 - على اقدامهم شعثا غير اله قد نبذوا القنع والسرابيل وراء ظهورهم وحسروا - 5 - بالشعور حلقا عن رؤسهم ابتلاء عظيما واختبارا كبيرا - 6 - وامتحانا شديدا وتمحيصا بليغا وفتونا - 7 - (مبينا - خ) جعله الله سببا لرحمته ووصلة ووسيلة إلى جنته وعلة لمغفرته