قذفوه فيها ". فوصف الفتنة بالعماء والصمم مجاز، والمراد أن أهلها عمى عن المراشد، صم عن المواعظ، فلما كانت الفتنة سببا لعماهم وصممهم جاز أن ينسب العمى والصمم إليها دونهم. وقد يجوز أيضا أن يكون المراد أنها تعمى الابصار برهج غبارها، وتصم الاسماع بزجل (1) أصواتها، والقول الأول أقرب إلى الصواب، وأشبه بمقاصد الكلام (2).
199 - ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام لرجل حلب ناقة: " دع داعى اللبن " وهذه استعارة، والمراد أمره أن يبقى في خلف (3) الناقة شيئا من لبنها من غير أن يستفرغ جميعه، لان ما يبقى منه يستنزل عفافتها (4)، ويستجم (5) درتها، فكأنه يدعو