أن تكون مقصورة على الأعضاء المباشرة للذنوب، وإنما المعاقب بها جملة الانسان، ولو كان الامر على ما ظنه لكان الزاني إذا زنى غير محصن يضرب ذكره، والقاذف إذا قذف يجلد لسانه، لأنهما واقعا المعصية وباشرا الخطيئة. فلما رأينا هذين المذنبين يعاقب منهما غير المواضع التي باشرت الذنب وواقعت الجرم، علمنا أن المقصود بالعقوبة جملة الانسان دون أعضاء الجسم، فأما يد السارق فلم تكن علة قطعها أنه باشر بها السرقة، ألا ترى أنه لو دخل حرزا فأخرج منه بفمه دون يده ما يجب في مثله القطع قطعت يده، ولم يعتبر أخذه الشئ المسروق بفمه. وأيضا فلو أخذ في أول مرة بيده اليسرى قطعت يده اليمنى، وإذا سرق ثانية بعد قطع يده اليمنى قطعت رجله اليسرى ولم تقطع يده اليسرى وإن باشر السرقة بها. وذلك على مذهب من يرى استيفاء الأعضاء الأربعة في تكرير السرقة وهو مذهب الشافعي، فبان أنه لا يعتبر بقطع ما باشر أخذ السرقة من أعضاء الانسان، وسقط ما اعتمد عليه ابن قتيبة من تشقيق (1) الكلام (2).
(٢٤٧)