المجازات النبوية - الشريف الرضي - الصفحة ٢٥٣
جلدهم لما سكروا، فظاهر ذلك أنه أنقال (1) لنا عن هذه الأفعال الواقعة بمستحقيها من الحياة، والباطن أنه وعظ وتنبيه لعقولنا.
على أن من أقدم منا على مثل تلك المحظورات، أنزل به مثل تلك العقوبات. وقد مضى فيما تقدم من كتابنا هذا كلام مختصر على نظير لهذا الخبر (2)، إلا أننا في هذا الموضع شرحنا ذلك فضل شرح، وبسطناه فضل بسط.
(والاستعارة الأخرى) قوله عليه الصلاة والسلام: " ولكل حرف حد ولكل حد مطلع (3) ". قال بعضهم: معنى المطلع هاهنا يطلع قوم يعملون به. وروى عن عبد الله بن مسعود أنه قال:
ما من حرف - أو قال آية - إلا وقد عمل بها قوم، أو لها قوم سيعملون بها. وقال بعضهم: المراد بالمطلع هاهنا المأتى الذي يؤتى منه حتى يعلم تأويل القرآن من جهته. وقال بعضهم: المطلع هو المنحدر من المكان المشرف إلى المكان المنخفض، وقد يكون أيضا المصعد من المكان المنخفض إلى المكان المشرف، فهو من الأضداد على هذا التقدير، فكأن الانسان يكون في التوصل إلى علم تأويل القرآن بمنزلة الراقي إلى الذروة، والصاعد إلى النجوة (4)، أو يكون في

(1) أنقال: جمع نقل بمعنى المنقول، أي أخبار منقولة لنا عن السابقين.
(2) مضى في ذلك في كلام الشريف على حديث مرور النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء على جماعة تقرض شفاههم وكلما قرضت نبتت. الحديث.
(3) الذي سبق في الحديث " ولكل حد مقطع " ولعل لفظة مطلع وردت في رواية أخرى غير الرواية السابقة.
(4) النجوة: المكان المرتفع.
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست