تحسين خلقه وتوسيع رزقه، وذلك يوجب عليه الخروج إليه تعالى من حق الشكر على مننه، وإحسان الجوار لنعمه، وقد عبر بعضهم عن هذا المعنى بعبارة أخرى قال: للمراد بذلك تقلب القلوب بين حسن آثار الله عليها، وهذا القول مجمل، والقول الذي ذكرناه من قبل مفصل.
فأما ما تذهب إليه المشبهة من أن الإصبع هاهنا على حقيقتها، وأن لله سبحانه أصابع ويدا وساقا وقدما إلى غير ذلك، فهو من الجهالات التي تدفعها العقول بأوائلها، وتقضى بفسادها قبل إعمال النظر فيها، وكيف يصح هذا القول لهم، ويقوم في عقولهم مع اعتقادهم أن الله سبحانه مستو على العرش كاستواء القاعد في مقعده، والمتمهد على مهاده، وأن بينه وبين المخلوقين من بني آدم سبع سماوات، وما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام، وسمك (1) كل سماء مثل ذلك، فيكف يسوغ أن تكون أصابعه (تعالى عن ذلك علوا كبيرا) واصلة إلى قلوب خلقه مع هذا البعد العظيم، والمدى الطويل؟ ولو كان ذلك على حقيقته لوجب أن يكون له من الأصابع مالا نهاية له حتى يختص قلب كل عبد من عبيده بإصبعين من أصابع يده. هذا لعمر الله القول المتفاسد، والظن المتكاذب، وبمثل هذا الجواب نجيب من سأل عن قوله تعالى: " ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو