أو حبى حباء، فإنما أعطى مما خوله الله سبحانه وتعالى، ولولا ذلك لكانت كفه جامدة، وريح أريحيته راكدة، ولأجل ذلك يقول في الحياة إنها أول النعم، ويريد بذلك أنها أول في الرتبة، لافتقار كل نعمة إليها، وصحة وجودها متفردة بنفسها، غير مفتقرة إلى غيرها، فصارت أولى في الرتب وإن جاز أن يوجد معها غيرها من النعم، وفيما علقته عن قاضى القضاة أبى الحسن عبد الجبار بن أحمد فيما قرأته عليه من أوائل كتابه المعروف بشرح الأصول الخمسة: أن النعمة هي المنفعة إذا قصد بها فاعلها وجه الاحسان، فإن قيل: فما المنفعة؟ قيل اللذات والمسار وما أدى إليها، إذا لم يعقب ضررا أعظم منها، فإن قيل: فما اللذات؟ قيل: ما يعلمه كل أحد من نفسه في إدراك ما يشتهيه من مآكله ومشاربه ومناظره وملابسه، إلى غير ذلك من الأمور التي يدعو العلم بها إلى التوصل إليها. فأما السرور فهو اعتقاد ذلك، أو الظن له، وليس بمعنى سوى ما ذكرناه، وما يؤدى إلى اللذات في كونه نعمة كاللذات. ولذلك نعد من مكن غيره من الوصول إلى الملاذ بالدنانير والدراهم منعما، وإن كانت أعيان الدراهم والدنانير لا لذة فيها، ولهذا الوجه نعد التمكين من هذه الأمور نعمة حتى نقول: إن الله سبحانه منعم بالتكليف الذي هو وصلة إلى النعيم المقيم والثواب العظيم، ولاجله أيضا قلنا في المصحح للنعم إنه نعمة، كما
(٣٦٢)