غيظ يكظمها (1) عبد ". وفي هذا الكلام مجازان.
(أحدهما) قوله عليه الصلاة والسلام: ألا إن عمل الجنة حزن بربوة. ألا إن عمل النار سهل بسهوة، فجعل عليه الصلاة والسلام عمل الجنة كالحزن من الأرض، وهو ما غلظ منها، لأنه يصعب تجشمه، فكذلك عمل الجنة يشق تكلفه، وزاد عليه الصلاة والسلام الكلام إيضاحا بقوله: حزن بربوة، فلم يرض بأن جعله حزنا حتى جعله بربوة، وهي الأكمة العالية ليكون تجشمه أشق وتكلفه أصعب، ولم يرض عليه الصلاة والسلام بأن جعل عمل النار سهلا وهو ضد الحزن حتى جعله بسهوة ليكون أخف على فاعله وأهون على عامله.
(والمجاز الآخر) قوله عليه الصلاة والسلام: وما من جرعة أحب إلى الله سبحانه من جرعة غيظ يكظمها عبد. فكأنه عليه الصلاة والسلام جعل كظم الغيظ بمنزلة الجرعة المؤثرة التي يجرعها الانسان، فيجد مذاقها مرا ويجد غبها (2) حلوا. ولهذا المعنى شبهوا ما يجده الانسان من حرارة حزن وحرارة هم، بالشجا (3) المعترض في الحلق، وشبهوا ما يلحقه من منظر يأباه، وملحظ لا يهواه، بالقذى