في الخصب فأعطوا الركب (1) أسنتها "، وفي رواية أخرى:
" فأعطوا الركاب أسنانها "، وهذه استعارة، والمراد بالأسنة هاهنا على ما قاله جماعة من علماء اللغة: الأسنان، وهو جمع الجمع، لان الأسنان جمع سن، والأسنة جمع الأسنان، والركب جمع الركاب، فكأنه عليه الصلاة والسلام أمرهم بأن يمكنوا ركابهم زمان الخصب من الرعى في طرق أسفارهم، وعند نزولهم وارتحالهم، فكنى عن ذلك بإعطائها أسنانها، والمراد تمكينها من استعمال أسنانها في اجتذاب الأكلاء، وامتشاط (2) الأعشاب، فكأنهم بتمكينها من ذلك قد أعطوها أسنانها. وهذا كما يقول القائل لغيره:
أعط الفرس عنانها، وأعط الراحلة زمانها، أي مكنها من التوسع في الجرى، ومد العنق في الخطو. وعندي في ذلك وجه آخر، وهو أن يكون المراد: مكنوا الركاب في الخصب من أن تسمن بكثرة الرعى، لأنهم قد عبروا في أشعارهم عن سمن الإبل وبدنها (3) بالسلاح تارة، وبالأسنة تارة. قال الشاعر: