(أحدهما) أن يكون عليه الصلاة والسلام إنما نهى عنه، لان الخيل ربما رعت الأكلاء (1) والأشجار، فنشبت (2) الأوتار التي في أعناقها ببعض شعب ما ترعاه من ذلك، فخنقتها أو حبستها على عدم المأكل والمشرب حتى تقضى نحبها.
(والوجه الآخر) أنهم كانوا في الجاهلية يعتقدون أن تقليد الخيل بالأوتار يدفع عنها حمة عين العائن (3) وشرارة نظر المستحسن، فيكون كالعوذ (4) لها، والاحراز عليها، فأراد عليه الصلاة والسلام أن يعلمهم أن تلك الأوتار لا تدفع ضررا، ولا تصرف حذرا، وإنما الله سبحانه وتعالى الدافع الكافي، والمعيذ الواقي. ومما يقوى هذا التأويل ما روى من أمره عليه الصلاة والسلام بقطع الأوتار من أعناق الخيل. ولتقليد الخيل وجه آخر، وهو أن العرب كانت إذا قدرت وظفرت قلدت الخيل العمائم. وذكر أن معاوية بن أبي سفيان لما تغلب على الامر ودخل الكوفة بعد صلح الحسن بن علي عليهما السلام فعل ذلك بخيله، فقالت أم الهيثم بنت الأسود: