وهذا القول مجاز، لان أهل القصف: كسر الشئ وحطمه. ومن ذلك ما حكى عن بعض اليهود لما قدم النبي صلى الله عليه وآله المدينة أن قال: تركت بنى قيلة (1) يتقاصفون بقباء (2) على رجل يزعم أنه نبي، يقول من شدة ازدحامهم عليه كان بعضهم يكسر بعضا، ومنه: سميت الريح الشديدة قاصفا، لأنها تحطم الأشجار وتهدم الجدران. فالمراد بقوله عليه الصلاة والسلام: قصفن على الأمم أن هودا وما يجرى مجراها من السور أفيض فيها ذكر مهالك الأمم الخالية، ومصارع القرون الماضية، فنسب عليه الصلاة والسلام إهلاكهم إلى هذه السورة لما كانت المترجمة عن ذكر هلاكهم، والهاتفة ثانيا ببورهم على طريق المجاز والاتساع. وقوله عليه الصلاة والسلام: " قصفن على " أي تلون على أخبار تلك المهالك وأنباء تلك المعاطب، وهذا مجاز آخر، لان السور متلوة وليست بتالية، ولكنه لما نسب فعل الهلاك إليها وأقامها مقام المهلك المعطب حسن أن يقيمها مقام المتكلم المخبر (3).
(١٥٩)