فقوله عليه الصلاة والسلام " يريد أن يشق عصاكم " استعارة، والمراد به تفريق أمرهم، وتشتيت جمعهم. فشبه ذلك بشق العصا، لان عن شقها يكون تشظيها (1)، وتطاير الصدوع (2) فيها، قال الراعي:
فتشققت من بعد ذاك عصاهم * شققا وغودر جمعهم مفلولا أي انتشرت أمورهم وتفرقت جموعهم. ومثل ذلك من كلامهم قولهم: فض الله مروتهم، وهي الصخرة، وفض الله خدمتهم، وهي الحلقة. فكأنهم شبهوا التئام جموعهم بالصخرة الملمومة، وشبهوا التحام شؤونهم بالحلقة المأطورة (3). ويجوز أن يكون لشق العصا وجه آخر، وهو أن يراد به فل شوكتهم وإيهان (4) قوتهم، لان العصا لصاحبها قوة يدفع بها، وبسطة يعول عليها. ألا ترى إلى قوله تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام " هي عصاي، أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولى فيها مآرب أخرى ". فيجعل من مرافقها الاعتماد عليها والهش على الغنم بها، ومن المآرب الأخرى التي فيها أن تكون آلة لدفاعه وعدة لقراعه، وهي بعد عون للماشي وهداية