مجاز والمراد بالنهاوش على ما قاله أهل العربية: اكتساب أموال من النواحي المكروهة، والوجوه المذمومة، ومن غير حلها، ولا حميد سبلها. وذلك مأخوذ من نهش الحية كأنها تنهش من هنا ومن هنا لا تتقى منهشا ولا تجتنب ملبسا، وذلك ضد قوله عليه الصلاة والسلام على أحد التأويلين: " اطلبوا المال من حسان الوجوه ". أي من وجوه المكاسب الطيبة التي يحسن الطلب منها، ولا يذم التعرض لها. وقال أبو عبيدة: هو مهاوش بالميم، يريد أخذ المال من التلصص نحو لصوص بنى سعد. وقال غيره: ذلك مأخوذ من الهوش.
يقال: تهاوش القوم إذا اختلطوا: ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:
" إياكم وهوشات الأسواق "، أي اختلاطها وفسادها. والميم زائدة في بناء الكلمة، والمعنى راجع إلى ما قاله أبو عبيدة، لان الأموال المأخوذة من التلصص موصوفة بالاختلاط في أنفسها، والآخذ لها موصوف بالتخليط فيها، وقوله عليه الصلاة والسلام:
أنفقه في نهابر: أي في الوجوه المحرمة التي يضيع الانفاق فيها، ولا يعود إليه نفع منها. وذلك مأخوذ من نهابر الرمل، واحدتها نهبورة، وهي وهدات تكون بين الرمال المستعظمة إذا وقع البعير فيها استرخت قوائمه، ولم يكد يتخلص منها. ويقال: حفر بين الآكام يصعب السلوك بها وتكثر المعاثر فيها، فكأنه عليه الصلاة والسلام شبه ما يكسب من الحرام وينفق في الحرام بالشئ الواقع