اللهم الا ان يقال: ان الرواية ناظرة إلى الحكم الظاهري في الشبهات الموضوعية والحكمية معا، أو ان صدرها عام بالنسبة إلى الحكم الواقعي والظاهري، وإن كان ذيلها خاصا في الحكم الظاهري.
ولكن كل ذلك بعيد، ولا أقل من الشك فالحكم بالعموم مشكل.
وهنا بيان آخر لاثبات هذه القاعدة في الشبهات الحكمية شبيه ما ذكروه في بحث البراءة، بالنسبة إلى الأحكام التكليفية، وحاصله ان النجاسات أمور محدودة معدودة، والأصل الأولى في الأشياء هو الطهارة، فلو كان شئ قذرا شرعا مما لا يستقذره العرف، فعليه البيان، فلو لم ينبه عليه يعامل معها معاملة الطهارة، فكما ان الحرام هو الذي يحتاج إلى البيان وكذا الواجب، واما المباح فغير محتاج إليه في عرف العقلاء وفي عرف الشرع، فكذلك بالنسبة إلى الأحكام الوضعية مثل النجاسة وشبهها وهكذا الكلام بالنسبة إلى النساء المحرمات، فإنهن اللواتي لابد من بيان حرمتهن فلو لم يبين الشارع حرمة أخت الزوجة جاز نكاحها، لا بعنوان الحكم التكليفي والبراءة بل بعنوان الحكم الوضعي لأن جواز النكاح وضعا لا يحتاج إلى البيان بل الحرمة تحتاج إليه.
ولعله لذا حكم غير واحد من الأصحاب بطهارة المتولد من الكلب والخنزير إذا لم يتبعهما في الاسم ولم يماثله حيوان، أو ان المتولد من أحدهما وغيره طاهر كذلك.
وان شئت قلت: ان النجاسة وان كانت حكما وضعيا على الأقوى، ولكن تنشأ منها أحكام تكليفية التزامية، ويمكن التمسك بالبراءة بالنسبة إلى آثارها التكليفية، كالأكل والشرب وتلويث المسجد به، وغير دلك، ولكن هذا لا ينفع في مثل الوضوء بما لا دليل على طهارته ونجاسته بحسب الحكم الشرعي، لأن استصحاب الحدث باق فتأمل.