وكذلك إذا اقبض غيره العارية، وشرط فيها العوض بتوهم الصحة، فإن الاخذ يضمنها وان كانت العارية بذاتها لا توجب الضمان، ولم تكن العارية معوضة.
وبالجملة المدار في أصل القاعدة على " احترام مال المسلم "، وفي عكسها على " التسليط المجاني " وهما يدوران مدار اشخاص العقود وافراده، لا أنواعه وأصنافه.
* * * الرابع: هل هنا فرق بين علم الدافع والقابض وجهلهما أم لا؟
قد يقال بعدم الفرق لاطلاق النص والفتوى.
والمراد بالنص هو " عموم من أتلف " وبالفتوى اطلاق كلمات القوم في أبواب المختلفة من العقود أو عند ذكر القاعدة مطلقة.
هذا ولكنك بعد ما عرفت من الدليل الذي بنينا عليه في هذا الباب تعلم الفرق الواضح بين صورتي العلم والجهل، فإنه إذا كان الدافع عالما بان الهبة الفلانية مثلا غير صحيح شرعا، ومع ذلك لم يعتن بحكم الشرع، واقبض الموهوب له بانيا على صحتها عند نفسه، فمن الواضح انه لا ضمان للقابض هنا، لأن المالك هو الذي دفع المال إليه عالما عامدا، وسلطه عليه مجانا، وكذلك الامر إذا باعه بغير ثمن عالما بفساده، وسلط المشتري عليه.
كما أن الامر في عكسه كذلك، فلو أعطاه المشتري عارية معوضة بتوهم صحة العارية المعوضة وكان المشتري عالما بالفساد فإنه لا يصح له أخذها، ولو أخذها كان ضامنا، لقاعدة احترام مال المسلم، وعدم جواز أخذه واتلافه بغير اذن صاحبه، والاذن هنا مبني على مبنى فاسد وهو توهم الصحة خلاف ما لو كان عالما بالفساد غير مكترث بحكم الشرع، بل بانيا على الصحة من قبل نفسه، وبالجملة المسألة