عرفا مع تلفه، فأداؤه غالبا لا يمكن برده، بل مقصود المقرض هو أن يرفع المقترض به حاجته ثم يؤديه، لا أنه يذهب بالمرة، وإلا فهو يدخل في الهبات لا القرض الذي هو من المعاوضات، والأداء حينئذ لا يمكن برد عينه لاتلافها في قضاء حوائجه، فيكون أداؤه بالمثل أو القيمة كل واحد منهما في محله.
فعند العرف حقيقة القرض هو تمليك مال لا مجانا وإلا يصير هبة، ولا بعوض مسمى وإلا يصير بيعا، بل بعوض واقعي من المثل أو القيمة أو بالضمان، وهو أيضا عبارة عن عوضه الواقعي، أي المثل في المثليات والقيمة في القيميات.
ولهذا قالوا: إنه لا يجب على المقترض رد العين وإن كانت موجودة، بل له أن يعطي المثل أو القيمة كل في محله.
وإذا عرفت هذا فنقول: يجب إنشاء هذا المعنى كي يتحقق القرض، فالمفترض ينشئ تمليك المال المطلوب للمقترض بعوضه الواقعي، والمقترض يقبل ما أنشأه المقرض، فيتحقق القرض، فالقرض أيضا كسائر عناوين المعاملات متوقف على إيجاب من طرف المقرض وقبول من طرف المقترض.
ولا شك في وقوع هذا المعنى بالايجاب والقبول القولي، غاية الأمر بالألفاظ الصريحة الصحيحة، كما هو الحال في سائر العقود والمعاملات، وأصرح لفظ في هذا الباب هو لفظ " أقرضتك الشئ الفلاني "، ولا يحتاج إلى أن يقول " بعوضه الواقعي " لان مادة القرض معناه العرفي هو هذا المعنى.
وإنما الكلام في وقوعه بالانشاء الفعلي الذي يسمى بالمعاطاة أم لا؟
والظاهر وقوعه كذلك وصدق القرض عليه، بل السيرة المستمرة في البلاد والأسواق هو إنشاؤه بفعله، مثلا إذا يطلب القرض من شخص ويريد المقرض أن يعطيه يأتي بما طلب ويعطيه من دون التكلم في هذا الموضوع، ويصدق عليه القرض في هذا الموضوع، ويشمله إطلاق قوله تعالى: (من ذا الذي يقرض الله