الحلبي التي تقدمت 1 في فرع تنقيص الأجرة على تقدير عدم إيصال المكاري حمله أو نفسه في الوقت المعين.
ولكن الأدلة الثلاثة - الآية والصحيحتين - لا تفي بالمقصود:
أما الآية، فلأنها جعلت المهر رعي ثمانية سنين، وإتمام العشر ليس جزء للمهر بل إحسان من موسى عليه السلام بشهادة قوله تعالى حكاية عن قول شعيب: (فإن أتممت عشرا فمن عندك) أي إحسان من عندك، فليس المهر مرددا بين ثمانية وبين عشرة كما توهم.
وأما الصحيحتان فأجنبيتان عن المقام، لأن مفادها أنه بعد تعيين متعلق الإجارة شرط على نفسه أنه إن تجاوز عن مقدار متعلق الإجارة يعطى له كذا وكذا، وإن لم يف بعقد الإجارة ولم يوصله في الوقت الذي عين ينقص عن الأجرة كذا و كذا، وأي ربط لهذين بالتردد في متعلق الإجارة والجهل به.
نعم لا مانع من أن يكون الفرعان من قبيل الجعالة، بناء على جواز هذا المقدار من الجهل والابهام والتردد في الجعالة، وإلا لو قلنا بأن الابهام في الجعل أيضا لا يجوز، فكونهما من قبيل الجعالة أيضا مشكل.
ولكن الصحيح أن الجهالة التي لا تمنع عن الرد والتسليم لا يقدح في صحة الجعالة، بل مبنى الجعالة على هذا المقدار من الجهل.
ويدل عليه قوله تعالى في قصة صواع يوسف عليه السلام: (قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم) 2 فتأمل. فالحق في المقام أنهما جعالة إن قصداها، لأن العقود تابعة للقصود.