في البين فلا إجارة، بل هذا الحكم جار في جميع المعاوضات، إذ معنى المعاوضة هو أن يجعل أحدهما في عالم الانشاء عوضا عن الاخر، فحقيقة المعاوضة متقومة بكون كل واحد منهما عوضا وبدلا عن الاخر، فشرط سقوط العوض مرجعه عدم كونه معاوضة، وهذا معلوم الفساد.
فشرط عدم الأجرة في الإجارة فاسد ومفسد للعقد، سواء قلنا بأن الشرط الفاسد مفسد أو لم نقل، لمناقضة هذا الشرط مع العقد، فتكون الإجارة فاسدة ويستحق المكاري أجرة المثل، لاحترام عمله، وعدم إقدامه على هتكه. هذا هو المشهور بين الأصحاب كما في المتون الفقهية.
ولكن استشكل عليه في جامع المقاصد 1 والمسالك 2 بأن هذا يرجع إلى الترديد في الأجرة على تقديرين، كما لو قال للأجير: إن خطته روميا فلك درهمان، وإن خطته فارسيا فلك درهم واحد، كان الترديد في العمل والأجرة، مع أنه لازم في إجارة الأجير تعيين عمله ومقدار أجرته، وكلاهما في المقام مفقودان.
وفيه: أن ما هو مورد الإجارة معين، وهو الايصال في وقت، والأجرة أيضا معينة، فكأنه قال: آجرتك دابتي لان أوصلك إلى مكان كذا في زمان كذا بأجرة كذا، غاية الأمر اشترط عليه المستأجر أنه لو لم يف بما التزم ينقص عن أجرته مقدار كذا. وأي ربط لهذا بالترديد في متعلق الإجارة.
فالحق جواز شرط التنقيص على تقدير عدم الوفاء بما التزمه الأجير في متن العقد، لان الشرط خارج عن مورد العقد وليس مخالفا لمقتضى العقد ولا الكتاب ولا السنة. نعم شرط سقوط الأجرة بالمرة بحيث تبقى الإجارة بلا أجرة مناقض لحقيقة عقد الإجارة، ولذلك يكون باطلا، كما تقدم.