إيصاله إلى مالكه أي المستأجر، إما مع المطالبة أو مطلقا، لوجوب رد الأمانات إلى أهلها. وأما إذا لم يكن تحت يده، بل كان تحت يد المستأجر فالتسليم من قبيل تحصيل الحاصل.
وأما إذا لم يكن تحت يد أحدهما، لا الأجير ولا المستأجر، كما إذا استأجر بناء لبناء منارة في مسجد، فإذا تم بناؤه فقد وفي بالعقد ويستحق الأجرة، ولا معنى لكون استحقاق الأجرة منوطا بتسليم عمله إلى المستأجر.
وذلك لان مقتضى عقد الإجارة - كسائر العقود المعاوضة - سببية العقد لحصول المعاوضة والمبادلة في عالم التشريع والمبادلة الخارجية وفاء لتلك المبادلة التي وقعت في عالم التشريع، فلا يمكن أن يكون الاستحقاق مشروطا بالتسليم، إلا أن يكون من مقومات العقد، كالقبض في الصرف والسلم في المجلس.
ولكن هذا يحتاج إلى ورود دليل من قبل الشارع، وعقد الإجارة ليس من هذا القبيل، فوجوب تسليم العمل إلى المستأجر ليس من باب أنه متمم لاستحقاق الأجير، بل من جهة أن العمل صار ملكا للمستأجر بعقد الإجارة، فيجب رده إليه.
والتفصيلان كلاهما لا وجه له من حيث استحقاق الأجير الأجرة، والفرق هو أن العمل لو كان في ملك المستأجر وعنده، فوجوب التسليم لا موضوع له، وإلا فالعمل بمحض وجوده يكون ملكا للمستأجر. وحيث أنه ليس ملكا مجانا وبلا عوض، فلابد وأن يكون العوض - أي الأجرة - ملكا للأجير، وإلا يكون المعوض ملكا للمستأجر مجانا، وهو خلف.
نعم لاشك في أنه لا يستحق المطالبة من المستأجر قبل إتمام العمل، إلا أن يشترط، أو كان المتعارف في بعض الأعمال هو أخذ الأجرة قبل العمل، كالأجير للحج، فإنه غالبا لا يتمكن الأجير من أداء الحج قبل أخذ الأجرة، ففي هذه الموارد ينصرف الاطلاق إلى ما هو نتيجة الشرط. فالعرف والعادة في مثل هذه الأمور تقوم