الإعارة لمن، فكما أنه في الإجارة التمليك - بناءا على أنها تمليك أو التسليط بناءا على القول الآخر - لغير المعين المردد غير معقول، كذلك الحال في العارية تسليط المجهول المردد غير مفهوم.
وأما لو كان المستعير معينا فلا مانع وإن كانوا متعددين، كما إذا قال: أعرت هذا الإبريق لأهل هذا المنزل ليستعملوا في تطهيرهم، أو يقول المعير: أعرت هذا القوري أو هذا القدر لهؤلاء العشرة ليطبخوا فيه الغذاء أو الشاي، وهكذا في سائر الأدوات في سائر الاستعمالات.
ومثل هذه العارية جارية ودائرة في الجيران، فيعير أحد الجيران مثلا للاخر ما يحتاج إليه تمام أهل المنزل الاخر من أدوات البيت.
نعم هل ذلك مختص بما إذا كان عددهم محصورا؟ أو يجوز وإن كانوا غير محصورين، فيجوز أن يقول: أعرت هذا الشئ لجميع الناس؟
الظاهر هو الثاني، فيصح أن يعير مثلا إبريقا للتطهير في محل عام من مسجد، أو خان وقف لجميع الناس ممن يريد أن يصلي هناك، أو ينزل فيه عابرا، كما هو الجاري في الرباطات أو خانات الوقف، ولا مانع من ذلك لا شرعا، لشمول العمومات لمثل هذا، فلا يبقى محل لجريان أصالة الفساد بناءا على جريانها في أبواب المعاملات، ولا عقلا، لبناء العقلاء على صحتها، وعدم محذور عقلي في البين، كما هو ظاهر.
نعم لابد أن يكون أفراد عنوان العام غير المحصور ممن يمكن أن ينتفعوا بتلك العين المعارة، وإلا يكون جعلها عارية لهم لغوا، فلو قال: أعرت هذا الشئ لجميع أهل العالم، ربما يكون لغوا، لعدم إمكان انتفاع جميع أهل العالم به عادة، إلا إذا قيدها بقيد مثل أن يقول: أعرت هذا الإبريق لجميع أهل العالم ممن يعبر بهذا الخان مثلا، أو يقول: أعرت هذا الكتاب لمطالعة جميع أهل العالم ممن يأتي ويدخل هذه